أصبحت الدولة المغربية تمارس حظرا تقنيا على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من خلال المنع الممنهج لأنشطتها في أماكن عمومية وكذلك التماطل في منح الترخيص لفروعها الممتدة عبر خريطة الوطن. ويعتبر الحظر المؤقت عقابا على توجهها في التعاطي مع خروقات حقوق الإنسان في البلاد.
ومنذ شهور، يوجد توتر بين الدولة المغربية والجمعيات الحقوقية وعلى رأسها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وكانت البداية مع وزير الداخلية محمد حصاد الذي شن خلال منتصف يوليو الماضي أعنف هجوم على الحقوقيين وصلت الى التلميح بما اعتبره خدمة أجندات أجنبية، مستدلا بأموال الدعم التي يتلقوها من الخارج.
وانتقل الوزير من توجيه الاتهامات الى المنع المتواصل لأنشطة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في ربوع البلاد كما شمل المنع جمعيات أخرى مثل العصبة المغربية لحقوق الإنسان. وتعددت عمليات المنع المتكررة
وتجتهد الدولة المغربية في تفسير المنع قانونيا، وإن كان هذا المنع يحدث انقساما وسط الدولة نفسها والحزب المتزعم للإئتلاف الحكومي. واعتبر وزير العدل مصطفى الرميد في تصريحات يوم 24 سبتمبر الماضي المنع غير قانوني وغير مبرر وأن الجهات التي تتخذ القرار هي خارجة عن الشرعية. وهذا اتهام مباشر لوزير الداخلية محمد حصاد.
في المقابل، يتولى مسؤولون مغاربة ومنهم وزير الاتصال مصطفى الخلفي بتبرير المنع بطريقة غير ملتوية عند حديثه عن ارتفاع الترخيص للتظاهرات في مختلف مناطق البلاد.
ويبقى المثير هو أن الدولة لا تمتلك خطابا واحدا في تبرير المنع، فإذا كان وزير الداخلية محمد حصاد يشهر ورقة الأجندة الخارجية وسط البرلمان في مخاطبة الرأي العام المغربي، يبتعد إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن هذه اللغة في محاضراته في الخارج. ومن ضمن الأمثلة، تفادى في لقاء حقوقي في باريس بمقر العالم العربي يوم 12 أكتوبر اللجوء الى تبريرات الدولة العميقة، واستعمل ضمن الحجج أن المغرب يشهد آلاف التظاهرات واللقاءات سنويا بدون أن تتعرض للمنع.
وتدريجيا، تمنع الدولة المغربية منع أنشطة الجمعية، والمنع يتكرر واتخذ صبغة منهجية منذ يوليوز الماضي ويشمل مختلف الفروع وليس المركز فقط في الرباط، وهذا الوضع أنتج معطى وهو “ممارسة الدولة الحظر التقني” على الجمعية وهو قريب من الحظر القانوني وإن كانت اتهامات وزير الداخلية للجمعية هو بمثابة حظر قانوني غير مباشر.