تستمر العربية السعودية في توظيف صفقات أسلحة لممارسة تأثير دبلوماسي في السياسة الدولية وخاصة المتعلقة بمصالحها في الشرق الأوسط. وبعد الذي تعتبره الخذلان البريطاني والأمريكي، تتوجه الرياض نحو باريس وقد توقع على عقد لشراء الأسلحة الفرنسية بقيمة تتراوح ما بين 14 مليار يورو و20 مليار يورو.
ويوجد توتر بين دبلوماسية الرياض مع كل من واشنطن ولندن بسبب الملف السوري وتضاعف التوتر أكثر بسبب الاتفاق التاريخي بين الدول الخمس (دائمة العضوية في ملس الأمن) والمانيا مع إيران حول المشروع النووي الإيراني.
وكانت الرياض قد هددت بتقوية العلاقات مع روسيا، وأعلنت نيتها شراء أسلحة روسية، ولكن المنعطف يتمثل في الرهان على فرنسا بحكم أن موسكو لن تتخلى عن دمشق مقابل صفقات سعودية.
وتبنت فرنسا مواقف متشددة في الاتفاق النووي الإيراني، ولم تتردد الصحافة الإسرائيلية في اعتبار فرنسا الناطقة باسم مصالح إسرائيل والسعودية في مفاوضات جنيف التي أدت الى الاتفاق التاريخي فجر الأحد الماضي. وهذا التشدد أثار حتى حفيظة المراقبين الفرنسيين، حيث انتقدت جريدة لوموند في افتتاحيتها اليوم هذا التشدد واعتبرت أنه سينعكس سلبا على الشركات الفرنسية في إيران بعد رفع العقوبات وعودة الشركات العالمية الى السوق الفارسي.
ولكن لفرنسا حساباتها الخاصة، فهي تدرك أن التشدد في مواجهة إيران يعني تعزيز نفوذها في دول الخليج العربي وخاصة العربية السعودية التي ترى بعين القلق الموقف الأمريكي والبريطاني.
وتنشر جريدة لاتريبين الفرنسية المتخصصة في الاقتصاد في موقعها في شبكة الإنترنت أمس أن الظروف السياسية تساعد على عودة فرنسا الى السوق السعودية، حيث هناك مؤشرات على صفقات تصل الى 14 مليار يورو وقد ترتفع الى 20 مليار يورو، وهذا يعد من أكبر الصفقات في تاريخ الصناعة العسكرية الفرنسية وتاريخ الصفقات العالمية.
وتنقل الجريدة عن مستثمر صناعي فرنسي أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان قام بثلاث زيارات الى العربية السعودية منذ السنة الماضية وآخرها تعود الى شهر فقط مستغلا عودة الحميمية الى العلاقات بين الرياض وباريس ولاسيما في ظل مواقف فرنسا في الأزمة السورية وبالخصوص الملف النووي الإيراني.
وتؤكد الجريدة وجود مفاوضات بشأن توقيع صفقات تسلح ضخمة تتضمن شراء السعودية ست فرقاطات من نوع فريم المتطورة وست غواصات لم تحدد نوعها وقد تكون مماثلة لتلك التي اقتنتها ماليزيا والتشيل، وستتجاوز الفاتورة عشرة ملايير يورو، وكذلك أربعة ملايير يورو مقابل برنامج تطوير الدفاع الجوي السعودي وقل تصل الى 20 مليار يورو في حالة اقتناء طائرات مروحية فرنسية.
وبهذا، فالاتفاق النووي الإيراني بدأ ينتج خريطة تحالفات استراتيجية جديدة لم تكن منتظرة منذ سنتين وعلى رأسها تضعضع محور الرياض-لندن-واشنطن، وظهور محاور جديدة فيها تواجد لموسكو وباريس.