أصبح البحث العلمي الركيزة الأساسية لتقدم الدول التي ترغب في حجز مكانة متميزة لها في المنتظم الدولي، وآخر القرارات الشجاعة لدول متوسطة ما أقدمت عليه الإكوادور من العمل على استعادة جميع أطرها التي هاجرت منذ سنوات والتعاقد مع مئات الباحثين من جنسيات مختلفة.
وبدأ الرئيس الاكوادوري رافائيل كوريا المدرك لقيمة البحث العلمي وهو المتخرج من جامعة هارفارد الأمريكية في إرساء استراتيجية تساهم في تطوير البلاد. وبعد محاربة الفساد، انتقل الى محاولة تحقيق قفزة نوعية في البحث العلمي، مصرحا أنه ركيزة أساسية لتقدم الإكوادور.
وأقدم رافائيل كوريا على خطوتين هامتين مؤخرا، وتتجلى الأولى في عمل مختلف الوزارات استعادة الأطر التي فقدتها خلال الأزمة الاقتصادية والسابقة التي عانت منها في التسعينات وحتى السنوات الأولى من العقد الماضي.
وفي الوقت ذاته، وضعت خطة لاستقطاب عدد كبير من الخبراء الجامعيين في مختلف التخصصات وأساسا وضع برامج التعليم، حيث سيعززون البحث العلمي في جامعات الإكوادور. وترغب الإكوادور في استقطاب مئات الباحثين، ويتراوح التعويض ما بين ثلاثة آلاف يورو الى خمسة آلاف يورو شهريا. ويأتي قرار الإكوادور بعدما خصصت ميزانية ضخمة للبحث العلمي المحض (ليس التسيير والمنح) في جامعاتها.
ومن ضمن الذين تقدموا بطلبات الالتحاق بالإكوادور باحثين مغاربة من اسبانيا وفرنسا وبلجيكا.
ومن باب المقارنة، فالإكوادور التي كانت دولة متخلفة عن المغرب حققت تقدما كبيرا خلال السنوات الأخيرة، حيث توجد في مراكز متوسطة في التنمية البشرية ما بين 75 و88 بينما يحتل المغرب المركز 130.
وبينما تقدم دول مثل الإكوادور على تعزيز البحث العلمي، يبقى المغرب يعيش مفارقة حقيقية، إذ أن ميزانية البحث العلمي المحض في جامعة يفترض أنها في منطقة استراتيجية، شمال المغرب، جامعة عبد المالك السعدي التي تضم تطوان وطنجة بالكاد تتجاوز مائة مليون سنتيم. بينما حصلت مغنية مثل ماجدة الرومي منذ أيام مقابل الغناء في مهرجان طنجة لمدة ساعة ونصف على 120 مليون سنتيم علاوة على مصاريف النقل والإقامة والحراسة. وما ينطلق على جامعة تطوان-طنجة، ينطبق على باقي الجامعات المغربية بدون استثناء، حيث أن مدنها تستقبل نجوم في مهرجانات بينما هذه الجامعات تعاني من غياب حقيقي لميزانية مخصصة لدعم البحث العلمي.
وهذه المقارنة تبرز المفارقة في الرؤية الاستراتيجية للمسؤولين الحكوميين للمستقبل، فبينما تركز دول على البحث العلمي ومنها أمريكا اللاتينية، يرى الرأي العام الرقمي في شبكات التواصل الاجتماعي أن دول أخرى مثل المغرب تفضل الإنفاق على المهرجانات. ومن الصعب العثور على نموذج في العالم حيث أن أجر فنان يشارك في مهرجان لمدينة معينة يفوق ميزانية لابحث العلمي لجامعة المدينة نفسها.