المواقع الاجتماعية مازالت تخيف السلطة في الجزائر لانها توقظ الثورة و في المغرب تُتخذ للزينة السياسية مثل رابطة العنق/ محمد المودن

المواقع الاجتماعية مازالت مصدر توجس وخوف لدى السلطة في العالم العربي

علاقة المسؤولين السياسيين، في العالم العربي الممسكين بتلابيب السلطة، بالمواقع الاجتماعية  والعالم الافتراضي الرقمي مازالت علاقة تنافر وتوجس، تعكس العلاقة ذاتها القائمة في الأوطان العربية بين السلطة والحرية الاجتماعية والسياسية. ومازال الفضاء الرقمي الحديث مصدر رعب و قلق لمدبري أمر السلطة خوفا من أن تحملهم المواقع الاجتماعية على مواجهة طوفان التغيير وتهديد  هيمنتها .

 وبدت هذه الحقيقة جلية في تقرير أعدته صحيفة الخبر الجزائرية يرصد علاقة اعضاء الحكومة الجزائرية بالمواقع الاجتماعية فيسبوك وتويتر وغيرهما، وبرزت بتجل شبيه في المغرب مع “المدونة الرقمية ” التي خرج بها وزير الصناعة على المغاربة  قبل ان يطويها بدرج مكتبه بعد انتفاضة  الراي العام الإلكتروني المغربي ضدها.  وعموما يبقى هذا التوجس من المواقع الاجتماعية ظاهرة تنسحب على معظم مواقع السلطة في العالم العربي.

 الجزائر: الفيسبوك بعبع يوقظ الثورة و يحرض على السلطة

واظهر تقرير  إعلامي لصحيفة الخبر الحزائرية  من خلال تصريحات وزراء  حكومة هذا البلد المغاربي انهؤلاء المسؤولين  الحكوميين يتوجسون من العالم الافتراضي ويعتبرونه مصدرا للتحريض على السلطة. بل و ذهبوا إلى  الإفصاح عن  أن إدبارهم عن المواقع الاجتماعية هو بسبب الخوف من رياح الثورات التي قد يسمح بمرورها  فتح أبواب المواقع الاجتماعية.

وقالت صحيفة الخبر بعد أن أجرت مسحا تقويميا للمواقع الإلكترونية لمختلف القطاعات  الحكومية إنه “يتضح أن من المواقف الغريبة لوزراء حكومتنا أنهم يعشيون في عالم افتراضي بعيد عن الواقع يجهلون او يتجاهلون حقيقة مواقع التواصل الاجتماعي”. وعبرت صحفية الخبر بإيحاء بلاغي ماكر عن المسافة بين عالم اعضاء السلطة والعالم الافتراضي الرقمي، حينما وصفت على نحو مفارق أن عالم هؤلاء “الوزراء هو من بات في الحيقيقة افتراضيا”.

ويعتبر رجال السلطة في طليعتهم الوزراء في الجزائر، حسب تقرير الخبر، أن المواقع الاجتماعية هي مصدر الثورة والتحريض عليها، لذلك أي اقتراب منها سيقود إلى فتح باب الثورة على السلطة وعليهم. وتنقل الخبر مثلا عن وزير التعليم العالي  والبحث العلمي محمد المباركي وصفه للمواقع الاجتماعية بكونه:” مكان للتلاعب والتحريض وتشويه صورة الناس”. بينما يقول وزير السكنى الجزائري ” ماذا سأفعل بالفيسبوك” ويقول وزير الاتصال في هذا البلد المغاربي، حسب الخبر دائما “راني كبير على الفيسبوك”.ثم تقل الخبر أما  باقي زملاء هؤلاء الوزراء “فقد اظهروا خوفهم من المواقع الاجتماعية لأنها سبب تقود إلى الثورات”.

وكان من المؤشرات الاخرى على خوف السلطة في الجزائر  من تكنولجيا الاتصال الحديثة عموما هو تلكؤها في الترخيص للجيل الثالث من الاتصالات “جي 3 “، بسبب خوفها من تداعيات ذالك على الانتخابات المقبلة وعلى حشد الرأي العام وتشكيل موقف سياسي معارض، وبمعنى من المعاني الخوف من خلخلة الهيمنة الشاملة للسلطة في نقل  المعلومات وفي التواصل على اعتبار ان التواصل والمعلومة زاد الثورة و التحول السياسي والاجتماعي.

 المغرب : المواقع الاجتماعية للوزراء هي للزينة السياسية مثل رابطة العنق   

 ولا تخص حالة علاقة السلطة بالمواقع الاجتماعية في الجزائر هذا البلد المغاربي وحدة بل هي حالة عربية ومغاربية تتفاوت درجاتها لكنها تجتمع على “ضلالة واحدة ” وهو “النظر بتوجس إلى المواقع الاجتماعية لانه محرض على السلطة و منبت رياح الثورة” .

في المغرب مثلا يظهر هذا التوجس من العالم الافتراضي ووسائطه من خلال قرارات وسلوكات تواصلية. و لعل  مبادرة ” المدونة  الرقمية” ” يعكس رغبة جامحة ودفينة حسب الراي العام المغربي للتحكم في العالم الافتراضي وإعاقة الحرية فيه لذلك واجههوه  بعصيان إلكترورني جعل وزير الصناعة  المغربي  يعيده إلى درج مكتبه  بالوزارة. كما ان تقاليد التواصل السياسي لوزراء الحكومة المغربية مازل خجولا غالبيتها للأسباب ذاتها التي عكسها تقرير صحيفة الخبر في الجزائر. حيث ان اعضاء الحكومة المغربية قل من لديهم مواقع اجتماعية للتواصل اليومي والمباشر مع الرأي العام و المواطنين ونشطاء هذه المواقع،  وكان وزير الخارجية المغربي السابق سعد الدين العثماني  يباشر التواصل في حسابه على الفيسبوك بنفسه ويكتب ويعلق  وغيره قليل . ولعل  رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران الذي استحدث موقعا اجتماعيا له على الفيسبوك ظل موقعا حكرا على وضع بعض اخباره  من قبل فريق موالي حزبيا له ولا يكتب رئيس الحكومة بشكل مباشر ولا يوقع اي تعليقات له  على الاحداث بالمغرب او إقليميا مع الراي العام الرقمي، لذلك يبقى الموقع للزينة السياسية لا اقل ولا اكثر مثل رابطة العنق.

وعلى الرغم من ان وزير الخارجية المغربي الجديد صلاح الدين مزوار  الذي خطب في الدبلوماسيين  المغاربة ناصحا إياهم باستثمار الإمكانات التواصلية التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي في الدفاع عن القضايا الوطنية  إلأ ان الرجل  الناصح لم يقدر على ان يبارد بنفسه  على تنزيل نصيحته إلى واقع ممارسته التواصلية كوزير.

وعادة لا تسمح السلطة بوجعها العميق بالمغرب ان يكون في تقليد التداول السياسي الرسمي اي  مبادرة ذاتية  للوزراء في التعليق على الاحداث الوطنية والدولية خارج الموافقة الرسمية، ما يدفعهم عادة في ظل خفوت الجراة السياسية  أو حتى الثقافة السياسية اللازمة للعزوف  عن الخروج إلى الناس في الفضاء العام الجديد والتواصل معهم.

و عموما مازالت منظومة الاتصال في الحياة العامة والسياسية  في هذين البلدين  المغرب والجزائر وإن بتفاوت نسبي بين الجارين،  معطلة وغير منخرطة كاطار  وشكل ومرجعية  في تنظيم العلاقة  السياسية  والتدبيرية عموما بين السلطة والمجتمع.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password