يواجه المغرب ملفا قضائيا شائكا في اسبانيا بعدما قررت المحكمة الوطنية في مدريد فتح تحقيق حول مقتل شابين اسبانيين من أصول مغربية في مياه الناضور، حيث يطالب قاضي التحقيق، وفق جريدة الموندو، بضرورة تحديد هوية عناصر البحرية الذين كانوا في الدورية التي فتحت النار. ويشكل هذا الملف طلاقا حقيقيا بين سلطات المغرب ومغاربة مليلية المحتلة.
وكانت البحرية الملكية المغربية قد فتحت النار على الشابين عبد السلام أحمد علي 24 سنة وأمين محمد إدريس 20 سنة اسبانيين من أصول مغربية يوم 27 أكتوبر الماضي 2013 في مياه الناضور عندما كانا على متن زورق. وصدر بيان رسمي مغربي يؤكد أن إطلاق النار جاء خلال مطاردة في البحر. وجرى دفن الضحيتين يوم 31 أكتوبر 2013 في مليلية.
وكشف التشريح الطبي الذي قام بها أطباء اسبان أن الشابين تعرضا لعنف شديد قبل أن يفارقا الحياة وأن الرصاص أطلق عليها من مسافة قصيرة جدا لا تتعدى المترين في أقسى الحالات.
وطالبت حكومة مدريد من الرباط تقديم توضيحات حول هذه الجريمة لاسيما بعدما وصلت الى البرلمان الإسباني وتبنتها عدد من الأحزاب. وأمام هذه التطورات، اكتفت الحكومة المغربية بالقول يوم 26 ديسمبر الماضي أن التحقيق مستمر في هذا الحادث.
وأمام عدم استجابة المغرب، فتحت المحكمة الوطنية في مدريد، المكلفة بالقضايا ذات الطابع الدولي تحقيقا خلال 4 أبريل الماضي، وراسلت السلطات القضائية المغربية للتعاون. وتعود المحكمة نفسها، وبالضبط الغرفة الرابعة الى تطوير التحقيق، حيث أصدر القاضي فيرناندو أندرو مذكرة جديدة يوم 2 ديسمبر الجاري موجهة الى السلطات القضائية المغربية يطلب تقارير متعددة أبرزها:
تعريف هوية أفراد الدورية التابعة للملكية المغربية المتمركزة في القصر الصغير، وكذلك التصريحات التي أدلوا بها.
تقرير حول وضع المركب الذي كان على متنه الضحيتين وهل تم إجراء خبرة على المركب وكذلك فحص لبقايا الرصاص.
تقرير حول الأسلحة التي استعملتها دورية البحرية الملكية ضد الضحيتين مع تحديد عدد الرصاصات التي وجهه لكل واحد منهما، وتقرير الطب الشرعي لمعرفة أي سلاح قتل كل واحد.
وكان هذا الحادث قد تسبب في توتر حقيقي بين السلطات المغربية ومغاربة مليلية، إذ لأول مرة رفعوا شعارات تندد بالمغرب وتنتقد الملك.
وهذه هي المرة الثانية التي توجه فيها المحكمة الوطنية في مدريد مذكرة استنطاق الى السلطات القضائية المغربية. وتأتي هذه المذكرة الثانية بعدما لم يكشف المغرب عن التحقيق الذي قال أنه يباشره. ومن شأن هذا التأخر في التحقيق طرح تساؤل عريض: لماذا تهاون القضاء المغربي في التحقيق ومنح الفرصة للقضاء الإسباني ليتولى التحقيق؟
ويتولى المحامي الشهير، بالتسار غارسون الذي كان قاضيا من قبل الدفاع عن الشابين، وهو القاضي الذي كان أول من فتح ملفات خروقات الصحراء وحاول محاكمة كل من الملك الحسن الثاني سنة 1998 وكذلك قادة عسكريين منهم الجنرال حسني بنسليمان. وكان هذا المحامي ضيفا على المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في مراكش منذ أسبوعين.