صاحبة الكتاب الذي يورط ملك اسبانيا في انقلاب 1981: أنقذنا خوان كارلوس من الانقلاب الذي ورطنا فيه ولن يستطع تركيعنا

مؤلفة الكتاب بيلار أوربانو وغلاف الكتاب خلال تقديمه في مدريد الخميس الماضي

تعيش اسبانيا جدلا سياسيا ومواجهة قوية بين القصر الملكي ووسائل الاعلام المحافظة في مواجهة الكاتبة والصحفية بيلار أوربانو بسبب كتابها الأخير الذي يتهم الملك خوان كارلوس بالتورط في الانقلاب العسكري الفاشل الذي حدث يوم 23 فبراير 1981. ويأتي هذا الكتاب ليحرج الملك وهو في سنوات حكمه الأخيرة. وتؤكد الكاتبة أنها غير مستعدة للركوع للملك

كتاب من 900 صفحة محضر اتهام للملك

والكتاب نزل الى المكتبات الخميس من الأسبوع الجاري ويحمل عنوان “الغياب الكبير للذاكرة”، والكتاب الذي اطلعت عليه ألف بوست وبه 900 صفحة يركز على المسيرة والتحديات السياسية في الحكومة التي ترأسها أدولفو سواريث الذي توفي الأحد ما قبل الماضي عن سن تناهز 81 سنة، ويعتبر المهندس الحقيقي للانتقال الديمقراطي في اسبانيا بسبب إشرافه على الدستور وقوانين الحكم الذاتي والعفو السياسي وانتخابات حرة ونزيهة.

وتعالج في الكتاب الانقلاب العسكري الفاشل سنة 1981 والذي نفذه مجموعة من العسكريين، ووقع عندما هاجم أفراد من الحرس المدني والجيش البرلمان يوم 23 فبراير من تلك السنة واحتجزوا الوزراء ورئيس الحكومة وجميع النواب، وكانت المؤلفة في البرلمان تغطي أنشطته في ذلك اليوم وكانت ضمن خمسة أشخاص رفضوا الاستجابة لأوامر العسكر ولم ينبطحوا أرضا بينما انبطح الآخرون ومنهم زعيم المعارضة الذي سيصبح لاحقا رئيس الحكومة فيلبي غونثالث.

وتكشف في هذا الكتاب عن معطى مثير وهو اتهامها للملك خوان كارلوس بأنه شكل “روح الانقلاب العسكر” ضد رئيس الحكومة سواريث وبتنسيق مع عدد من الجنرالات فيما يعرف في اسبانيا “عملية أرمادا” حيث حصل ضغط على سواريث لتقديم استقالته وتعيين الجنرال أرمادا رئيسا للحكومة مقابل تفادي وقوع انقلاب.

وتقدم المؤلفة نص الحوارات القوية التي دارت بين الملك وسواريث الذي كان أول رئيس حكومة ديمقراطية بعد وفاة الجنرال فرانسيسكو فرانكو، حيث تؤكد الضغوطات القوية التي مارسها الملك على سواريث ومنها التهديد بتدخل الجيش. وتؤكد، وفق مصادرها وتحليلها أن الملك شكل “روح الانقلاب العسكري” سنة 1981. وتلخص الكتاب في “ما نساه سواريث وما لا يريد خوان كارلوس تذكّره”.

الحملة ضد الكتاب ومؤلفته

ووجه سابقا قادة عسكريون وسياسيون اتهامات تورط الملك، لكن الأمر هذه المرة يختلف لأن الكاتبة صحفية معروفة للغاية في صحافة البحث والتقصي فيما يخص الأحداث التاريخية التي عاشتها اسبانيا منذ الانتقال الديمقراطيي حتى الآن.

وأصدر القصر الملكي يوم الخميس من الأسبوع الجاري بيانا ينفي فيه تورط الملك في الانقلاب، وهو اليوم نفسه الذي قدمت فيه بيلار أوربانو كتابها في مدريد وسط اهتمام إعلامي غير مسبوق. وتتحرك الآلة الإعلامية المحافظة ضد الكاتبة بيلار أوربانو، فقد أصدر عدد من الشخصيات التي رافقت سواريث بيانا تنفي فيه الاتهامات الموجهة الى الملك، وتشن جرائد يمينية مثل آ بي سي ولراثون حملة قوية ضد مصداقية الكاتبة.

وصرحت الكاتبة خلال تقديم الكتاب يوم الخميس من الأسبوع الجاري “لست ضد الملك ولا أريد أن أضع حدا لمسيرة الملك، لكن دور خوان كارلوس في الانقلاب كان خفيا وأنا ألقيت الضوء عليه، هذا تاريخ يجب أن يكتب”. وتضيف مخاطبة القصر الملكي “خوان كارلوس يريد أن يجعل الصحفيين يركعون، أنا أرفض هذا”. وصرحت منذ يومين ساخرة في مقابلة مع جريدة الموندو “لقد أنقذنا الملك خوان كارلوس من الانقلاب العسكري الذي قام بالتورط فيه شخصيا”. وتفيد الصحافة أن القصر الملكي قرر الرد على الكتاب لأنه يتهم الملك بالتورط في الانقلاب.

وتعتبر المؤلفة من الصحفيين المتخصصين في صحافة البحث والتقصي وتحول ربورتاجاتها الى كتب سياسية تستأثر باهتمام الرأي العام الإسباني وخاصة وأنها تتطرق الى قضايا عاشت أحداثها واستقت معطياتها من مصادر مباشرة.

الملك يفقد مشروعيته السياسية

الكتاب يتزامن وأسوأ مرحلة تمر منها المؤسسة الملكية في اسبانيا ويزيل عن الملك خوان كارلوس تلك الهالة السياسية التي واكبته طيلة سنين ومفادها أنه “منقذ الديمقراطية في اسبانيا”. وتؤكد كتابات صحفية أن الملك اكتسب شرعية سياسية نتيجة ما قيل عن دوره في إنقاذ اسبانيا من الانقلاب، والآن يجد نفسه بدون هذا الغطاء السياسي وفي آخر سنوات حكمه.
وطالب حزب اليسار الموحد المنتمي الى المعارضة أن ما جاء في الكتاب يؤكد الكثير من المعطيات المتداولة، وطالب من الحكومة تقديم جميع الوثائق الخاصة بالانقلاب ومنها تلك المتعلقة بما وصفه الدور الغامض للملك.
في غضون ذلك، نزل الكتاب يوم الخميس في المكتبات الاسبانية وهو ضخم مكون من 900 صفحة، وتؤكد دار الطبع “بلانيتا” أنها ستطبع طبعة ثانية ابتداء من بداية الأسبوع المقبل، وقد تتجاوز مبيعاته المائة ألف بسهولة في ظرف أسبوعين فقط.

 

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password