رئيس الحكومة ابن كيران يراوغ المغاربة في خطابه حول الوضع الحقيقي لملف الصحراء ويقدم صورة وردية

استعرض رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران العلاقات الخارجية في الخطاب الذي ألقاه أمام البرلمان الثلاثاء من الأسبوع الجاري  لتقديم حصيلته الحكومية. وركز على معطيات في نزاع الصحراء المغربية والعلاقات الخارجية بمنطق وردي بينما الواقع الحقيقي مختلف بشكل كبير سواء في ملف الصحراء أو العلاقة مع الشركاء الرئيسيين.

ورسم ابن كيران لوحة سوداوية لوضع  الصحراء دوليا قبل وصوله الى رئاسة الحكومة بسبب ما تسببت فيه أحداث إكديم إزيك للمغرب من حرج في الخارج وتوظيف جبهة البوليساريو لملف حقوق الإنسان. (انظر الفقرة الأولى أسفله بالأسود العريض)

وبعد استعراض المشاكل، يعود ابن كيران في خطابه الى تقديم صورة وردية عن الصحراء بعد مرور سنتين ونصف على ترأسه الحكومة، ويوحي بهذا أن الفضل يعود له في هذا التطور. ويتحدث في هذا الصدد عن وضع مريح للمغرب في الوقت الراهن أي بعد تولي حزبه رئاسة الائتلاف الحكومي. ويركز على تأييد القوى الدولية للحكم الذاتي والإشادة به ثم زيارة الملك محمد السادس الى الولايات المتحدة المتحدة. ويطالب بمزيد من النضال والتحرك دوليا لإفشال مخططات جبهة البوليساريو.

وقراءة وضع الصحراء في الوقت الراهن يختلف عن الصورة الوردية التي رسمها ابن كيران بعد سنتين ونصف من ترأسه للحكومة. إذ يتميز ملف الصحراء بوجود المغرب في وضع حساس وصعب أمام المنتظم الدولي. وإذا استثنينا سحب بعض الدول اعترافاتها بما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” مثل بنما والبراغواي، فواقع الصحراء، ووفق محللين مغاربة بمن فيهم المقربين من السلطة، يؤكدون حساسية الملف للمغرب. في الوقت ذاته، كان الملك محمد السادس قد حذّر الرأي العام في خطابه خلال أكتوبر الماضي من صعوبة الوضع في الصحراء.

وبعد مرور  تسعة أشهر، يقدم ابن كيران وضعا مخالفا وكأنه وجد حلولا سحرية للنزاع تميل لصالح المغرب. وهكذا، فعكس ما يدعيه ابن كيران في خطابه، تميز ملف الصحراء خلال السنتين ونصف من وجوده على رأس الحكومة بما يلي:

-تراجع تأييد الأمم المتحدة للحكم الذاتي، حيث شدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون في تقريره الأخير الى مجلس الأمن على ضرورة إعادة النظر في شكل المفاوضات ابتداء من السنة المقبلة والبحث عن حل يقوم على شكل واحد وهو “تقرير المصير”. وهذا التراجع يلاحظ كذلك على مستوى قرارات الأمم المتحدة.

-ارتفاع مواقف مؤسسات دولية ومنها الاتحاد الأوربي برلمانا ومفوضية تطالب بتقرير المصير ولا تؤيد نهائيا الحكم الذاتي، وإن كانت تربط ذلك “بحل سياسي متفق عليه”.

-تقديم حكومة ابن كيران تنازلات سيادية سواء في الصحراء. فخلال التوقيع على اتفاقية الصيد البحري خلال يوليوز الماضي، قبلت الرباط بمراقبة الاتحاد الأوروبي لجزء من الأموال المخصصة للصحراء وفسخ الاتفاقية في حالة تسجيل خروقات في الصحراء (الصحراء دون باقي مناطق المغرب). ولم يسبق لي حكومة مغربية سابقة أن قبلت بمثل هذه الشروط التي تمس سيادة المغرب في الصحراء.

-ارتفاع تقارير لمنظمات حقوقية دولية ومنها الأمم المتحدة تحاصر المغرب في ملف الصحراء، وتعتبر أن فترة ابن كيران قد سجلت ارتفاعا لهذه الخروقات.

-ارتفاع نسبة البرلمانات التي تدعو الى الاعتراف بما يسمى جمهورية الصحراء والضغط على المغرب، ولم يقتصر الأمر على بعض الدول الإفريقية أو في أمريكا اللاتينية بل في قلب أوروبا كما حدث مع السويد وإيطاليا وتغلغل البوليساريو في بريطانيا.

لقد اعترف الملك محمد السادس في خطابه يوم 11 أكتوبر الماضي بصعوبة موقف المغرب في ملف الصحراء، وشهورا بعد ذلك، تغيب الجرأة في خطاب ابن كيران ويقدم معطيات حول الصحراء مختلفة نهائيا عن الواقع الحقيقي ومرومة بفرشاة وردية.

  الفقرة الأولى من الخطاب حول الصحراء :

وعلاقة بنزاع الصحراء، جاء في خطاب ابن كيران ما يلي: ” وبالإضافة إلى ذلك زادت مخاطر الاستهداف الممنهج  لقضيتنا الوطنية الأولى وملف وحدتنا الترابية والوطنية، بعد الهزة التي عرفتها في أواخر سنة 2010 إثر أحداث إكديم إزيك الأليمة والتي كانت نتيجة موضوعية للفشل في معالجة الاختلالات، والتي استغلها خصوم وحدتنا الترابية للمس بمصداقية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، والاستغلال العدائي والتوظيف المغرض لحقوق الإنسان لضرب السيادة الوطنية و الترابية على الصحراء المغربية”.

الفقرة الثانية الثانية من الخطاب حول الصحراء:

“على مستوى ملف وحدتنا الوطنية، تميزت هذه المرحلة بتعزيز موقف المغرب من خلال مصادقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرارات نوه فيها بالجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية والرامية إلى تسوية النزاع حول الصحراء المغربية، كما واصلت العديد من القوى الفاعلة على المستوى الدولي والعديد من الدول التعبير عن دعمها للمبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي، وذلك بفضل المجهودات والمساعي التي ما فتئ يبذلها جلالة الملك محمد السادس، أعزه الله.

وقد تمثل ذلك في النجاح الكبير للزيارة الملكية للولايات المتحدة الأمريكية و النتائج المهمة التي حققتها هذه الزيارة على مستوى تعميق العلاقات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية بين البلدين وتحقيق دعم أكبر للمقترح المغربي للحكم الذاتي والتنويه بمصداقيته وجديته.

والنتائج الايجابية على هذا الصعيد تؤكد أن تجاوز مخططات خصوم الوحدة الترابية يتطلب مضاعفة الجهود وتكثيف المبادرات وتحمل الجميع لمسؤوليته في الدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية، والعمل على تقوية الجبهة الداخلية والتقدم في تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالجهوية المتقدمة وتطبيق النموذج الاقتصادي التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، وتكثيف التواصل والإشعاع  وتقوية الحضور المغربي سواء الحكومي أو البرلماني أو المدني في مختلف المنابر والمحافل الجهوية والقارية والدولية، واستثمار التراكمات الإيجابية التي تحققت هذه السنة.

 

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password