أبلغ ملك اسبانيا خوان كارلوس الحكومة البريطانية في أوائل الثمانينات تجميد مطالبته بصخرة جبل طارق حتى لا يستغل المغرب الفرصة ويطالب بتصفية الاستعمار في سبتة ومليلية. وجرت العادة أن يحرك المغرب ملف المدينتين كلما طرحت مدريد ملف الصخرة، لكن مؤخرا تخلى ولأسباب غير مفهومة عن هذا الربط.
وأوردت الصحافة الإسبانية ومنها جريدة الموندو الواسعة الانتشار أمس أن بريطانيا قد كشفت عن وثائق دبلوماسية سرية تعود الى أوائل الثمانينات تتضمن لقاءات بين الملك خوان كارلوس مع دبلوماسيين بريطانيين ومنهم السفير البريطاني وقتها في مدريد حول هذا الموضوع.
وتؤكد الوثائق التي كانت دايلي تيلغراف البريطانية سباقة لنشرها هذه الأيام أن خوان كارلوس أبلغ السفير البريطاني ريتشارد بيرسون سنة 1983 أن اسبانيا لا ترغب في استعادة جبل طارق المحتل على المدى القريب، مؤكدا “إعادة بريطانيا جبل طارق لإسبانيا سيدفع الملك الحسن الثاني الى تحريك ملف سبتة ومليلية”.
وفي الوقت ذاته، طالب الملك بمفاوضات رسمية ولكنها سرية تعطي نتائج على المدى البعيد علاوة على ضرورة قيام بريطانيا بخطوة ما تجاه اسبانيا بشأن الصخرة لتهدئة الرأي العام الإسباني خاصة وأن نسبة كبيرة من الإسبان وقتها كانت تطالب باستعادة الصخرة من الاستعمار البريطاني.
وجاء الموقف الإسباني شهورا في أعقاب قرار حكومة فيلبي غونثالث وقتها بفتح الحدود البرية بين اسبانيا ومستعمرة جبل طارق التي كان الجنرال فرانسيسكو فرانكو قد أغلقها سنة 1969 بسبب تعنت بريطانيا فتح المفاوضات بشأن مستقبل هذه الصخرة.
ويتم الكشف عن هذه الوثائق في وقت تعيش العلاقات بين مدريد ولندن توترا نسبيا على خلفية مطالبة اسبانيا بريطانيا بتصفية الاستعمار عن الصخرة، حيث طرحت الموضوع في الأمم المتحدة خلال أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة. وتنسق مع حكومة الأرجنتين التي بدورها تطالب باستعادة السيادة على جزر المالوين التي كانت سببا في الحرب بين بريطانيا وهذا البلد الأمريكي اللاتيني سنة 1982.
والكشف عن هذه الوثائق يأتي ليضع حكومة مدريد في موقف حرج لأنها تخلت عن المطالبة باستعادة الصخرة في الماضي.
وتأتي هذه الوقائق لتبرز الارتباط الوثيق بأن كل حل لصخرة جبل طارق سيترتب عنه ضرورة إيجاد حل لمدينتي سبتة ومليلية الواقعتين شمال المغرب وتستعمرهما اسبانيا وتطالب حكومات الرباط باستعادتهما.
وتاريخيا، ربط المغرب الملك الراحل الحسن الثاني كل حل لجبل طارق بحل لسبتة ومليلية وكان يتلقى دعما من القوى الكبرى بما فيها بريطانيا، لكن خلال الثلاث سنوات الأخيرة، يلتزم المغرب الصمت المطلق في هذا الملف أملا في الحصول على دعم اسباني في نزاع الصحراء، ومن مظاهر هذا الصمت تجنب الملك محمد السادس وحكومة ابن كيران الحديث عن المدينتين رسميا.