مواقف الدول العربية من نزاع الكركرات وكيف بدأ ملف الصحراء يحضر بكثافة في أجندة قنوات التلفزيون

نقاش في فرانس 24 حول أزمة الصحراء

تتباين مواقف الدول العربية من عملية فتح معبر الكركرات الرابط بين المغرب وموريتانيا، وذلك  بين مؤيد وصامت حذر وحالة تنديد واحدة. ويحضر هذا الملف لأول بشكل ملحوظ في أجندة الحكومات العربية ونسبيا الرأي العام العربي، رغم أن المغرب عمل ومنذ اندلاع النزاع  على تجنيب الجامعة العربية التعاطي معه لتفادي مزيد من الانقسام والتفرقة وفضل أن يبقى مقتصرا على الأمم المتحدة أساسا ومؤخرا على الاتحاد الإفريقي.

وكانت هناك متابعة محدودة من طرف الرأي العام العربي للحلقة الأخيرة من نزاع الصحراء  المغربية المتعلق بما يحدث في معبر الكركرات ، ولكنه تفاجأ بالمسار الذي اتخذته الأزمة بإعلان جبهة البوليساريو الانسحاب من اتفاقية وقف إطلاق النار.

 

مواقف دول الشرق الأوسط ومصر

وانقسمت الدول العربية، فقد أيدت الدول الخليجية قطر والإمارات والعربية السعودية وسلطنة عمان والبحرين والكويت إضافة الى الأردن قرار المغرب فتح معبر الكركرات يوم الجمعة 13 نوفمبر الجاري. ويعد الموقف تطورا هاما للغاية مقارنة مع مواقف الماضي المحتشمة نسبيا، فقد ساندته هذه الدول في الكثير من المناسبات لكن لأول مرة تتبنى بشكل علني عملية أقدم عليه المغرب. ولعل من عناوين هذا التغيير هو الدعم الصادر من بلدين المتعارضين في السياسة الدولية قطر والإمارات لموقف المغرب.

ومن جانب آخر، لم تبدي دول مثل العراق وسوريا أي موقف بحكم الانشغالات الداخلية وإن كانت سوريا تميل تاريخيا الى الموقف الجزائري، ولا تسمح لها أوضاعها الداخلية بالاهتمام بهذا الملف في الوقت الراهن. وصمتت السودان ولم تعرب عن أي موقف شأنها شأن لبنان.

وعلاقة بمصر، وهي البلد الذي يقع في منزلة بين المنزلتين، بين الشرق الأوسط والمغرب العربي-الأمازيغي، فقد اقتصرت على إجراء مشاورات مع وزيري خارجيتي المغرب والجزائر لتهدئة الأوضاع دون إبداء أي موقف يحسب لهذا الطرف أو ذاك، وإن كانت آراء مغربية ذهبت الى اعتبار موقف القاهرة يميل الى البوليساريو والجزائر.

وتعد فلسطين حالة خاصة، فقد أيد سفيرها في الرباط المغرب، بينما أيد سفيرها في الجزائر موقف جبهة البوليساريو نسبيا، واضطرت الحكومة الفلسطينية ال ى الإعلان عن تأييدها للأمم المتحدة لتفادي دفع أحد البلدين المغرب أو الجزائر ضدها.

 

شمال إفريقيا

واختلف الأمر في منطقة المغرب العربي-الأمازيغي أو شمال إفريقيا. وتماشيا مع مواقفها الداعمة لجبهة البوليساريو، اتخذت الجزائر موقف التنديد بالتدخل المغربي في الكركرات. ولا يشكل إعلان رئيس الأركان الجزائرية الجنرال شنقريحة  المغرب عدوا كلاسيكيا أي مفاجأة في تصريحات له يوم الأحد الماضي.

والتزمت تونس الصمت والحياد ولم تصدر أي بيان بحكم وضعها الداخلي الشائك، فهي من تراعي مصالحها مع الجزائر التي تعد شريكا رئيسيا سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وتراعي علاقاتها المتينة مع المغرب من جهة أخرى. ورغم وزن الجزائر بالنسبة لتونس، لم يسبق لها الاستجابة للضغط الجزائري بالميل نحو البوليساريو. وكان الرئيس الراحل زين العابدين بن علي قد حاول مرة التهديد بالاعتراف بالجمهورية التي أعلنتها البوليساريو إبان أزمة شائكة مع الرباط، ولكنه تراجع في آخر المطاف وبقي على منوال السياسة التي رسمها الرئيس الراحل بورقيبة. وما ينطبق على سوريا الغارقة في مشاكلها ينطبق على ليبيا التي تبحث عن مخرج للمأزق التي تعيشه، وهي التي كانت إبان السبعينات وحتى منتصف الثمانينات، الدولة التي دعمت جبهة البوليساريو سياسيا وماليا وعسكريا.

وتبقى موريتانيا الحالة الخاصة في شمال إفريقيا، إذ تعد الدولة المتضررة بشكل رئيسي من إغلاق معبر الكركرات طيلة الثلاثة أسابيع الماضية. ونظرا لحساسية وضعها بين المغرب والجزائر، فقد أخذت مسافة من النزاع مؤكدة على الوساطة بين الطرفين بدون إبداء ميل واضح لا لهذا الطرف أو ذاك.  ورغم اعترافها بالجمهورية التي أعلنتها البوليساريو، وتعتبر الكركرات حدودا مع البوليساريو، فهي برغماتية في سياستها بتطبيق الحياد.

 

بدء اهتمام الرأي العام العربي

ويعد نزاع الصحراء من أقدم النزاعات في العالم العربي ولكنه لا يحظى باهتمام كبير ولاسيما من طرف الرأي العام باستثناء في لحظات زمنية معينة. ومرد هذا توقيع اتفاق وقف إطلاق النار  سنة 1991، وساهم أجواء الهدنة التي دامت تقريبا 30 سنة في عدم إبداء القنوات العربية الكبرى مثل الجزيرة اهتماما متواصلا به باستثناء حضور الملف بين الحين والآخر ولاسيما على المستوى الحقوقي. لكن في الوقت الراهن، بدأ يتحول الى موضوع يحظى بالاهتمام بل وبالتنافس بين القنوات التلفزيونية لخطورة الملف الذي قد يسبب في حرب طويلة من جهة، وبسبب إقبال الرأي العام العربي على معرفة ما يجري.

وكانت جبهة البوليساريو قد حاولت ما بين 2011 الى 2013، أي فترة الربيع العربي استحضار هذا النزاع ولاسيما على المستوى الحقوقي في بعض مناطق العالم العربي ومنها مصر ولبنان وتونس ومصر.

Sign In

Reset Your Password