لم يتردد بعض المعلقين في القول أن سواحل جزيرة لامبوديسا في الجنوب الإيطالي تعيش مشاهد “الكوميديا الإلهية” لدانتي التي تتحدث عن الجحيم بعدما سجلت يومه الخميس أبشع مأساة في تاريخ الهجرة السرية بانتشال أكثر من 110 جثة وفقدان أكثر من 200 في سفينة انطلقت من سواحل ليبيا محملة بالأفارقة. وما يجري دفع ببابا الفاتيكان الى رفع صوته “ما يجري عار”. ويوجد ضحايا مغاربة ضمن الغرقى والمفقودين.
ورغم الأزمة السياسية التي تعيشها جراء مناورة سيلفيو بيرلوسكوني بالإطاحة بحكومة اليساري إنريكو ليتا لتفادي دخوله السجن بعدما حكم عليه القضاء بأربع سنوات في ملف تهرب ضريبي، هيمن الحزب على الإيطاليين جراء غرق سفينة الهجرة التي انطلقت من سواحل ليبيا نحو الجنوب الإيطالي وغرقت بالقرب من مياه جزيرة لامبوديسا.
وحتى ليلة يومه الخميس، أوردت وكالة الأنباء أنسا أن فرق الإنقاذ قد انتشلت 110 جثة من ضمنهم أطفال ونساء حوامل وتبحث عن 200 آخرين، بينما استطاع فقط 150 النجاة بحياتهم. وينتمي المهاجرون الى دول إفريقية مختلفة وخاصة الصومال وإريتيريا وبعض الجنسيات العربية مثل المغرب وتونس.
وتحدثت وسائل الاعلام عن وجود جنسيات من المغرب العربي ومنها المغرب، ويتعلق الأمر بمغاربة مقيمين في ليبيا فضلوا الهجرة الى أوروبا هربا من توتر الأوضاع في هذا البلد.
وتلخص رئيسة بلدية لامبيدوسا ما يجري قائلة “رعب حقيقي نعيشه، الجثث في كل مكان، لم يعد هناك مكان لاستقبال الأحياء فبالأحرى الموتى، على وسائل الاعلام القدوم الى هنا لرؤية ما يجري، على الإنسانية أن ترفض مثل هذا “. وجرى نقل الجثث الى مطار المدينة لأنه الفضاء الوحيد القادر على استيعاب هذا العدد من الجثث.
وتنقل وسائل الاعلام الإيطالية عن شيوخ المنطقة أنهم لم يسبق أن شاهدوا مثل هذا حتى إبان الحرب العالمية الثانية عندما كانت منطقة لامبيدوسا مسرح مواجهة بين الحلفاء ضد الإيطاليين والنازيين.
وقدمت قنوات التلفزيون بعض الأشخاص الذين ساهموا في عمليات الإنقاذ وهم يبكون بهيستيريا لأنهم لم يسبق أن شاهدوا هذا العدد الضخم من الجثث لاسيما وأن الجزيرة صغيرة. ومن المنتظر أن يتدخل الجيش لمعالجة موضوع الجثث لأن الأمر يتجاوز السلطات المدنية التي عادة ما تتعامل مع نسبة محدودة من جثث الغرقى وليس مثل هذه الحالة.
وتعد هذه المأساة الأكبر والأخطر في تاريخ الهجرة السرية أو ما يسمى بقوارب الموت. وهذه الظاهرة بدأت في مضيق جبل طارق ثم من سواحل إفريقيا الغربية نحو جزر الكناري الإسبانية وانتقلت الى سواحل إيطاليا، حيث تنطلق القوارب من سواحل ليبيا وتونس. ولم تسجل الهجرة في مضيق جبل طارق أو جزر الكناري غرق وفقدان أكثر من خمسين شخصا دفعة واحدة. وعليه، يبقى ما وقع في سواحل لامبوديسا الماساة الكبرة منذ بداية الهجرة السرية في أواخر الثمانينات من شواطئ المغربي العربي نحو جنوب أوروبا.
وصرح البابا فرانسيسكو في تعليق له على هذه المأساة “تسعفني كلمة واحدة، عار، عار ما يجري أمام أنظار العالم”.