الصين نحو غزو الفضاء، الى أي مدى وما هي الأهداف؟

رسم للتنافس الأمريكي-الصيني

بدأت كل من روسيا والولايات المتحدة غزو الفضاء سنتي 1961 و 1962 على التوالي ثم بعد ذلك الصين سنة 2003. استغرقت الصين وقتا طويلا للإنضمام إلى لائحة رواد الفضاء الذي سافرو عبر المدار حول الأرض بل وخاطروا إلى أبعد من ذلك في بعض الحالات القليلة نحو القمر.

ولكن الصين أصبحت بدورها قوّة فضائية، ومن العناوين المعبرة على هذا التحول قيام الإتحاد الدولي للملاحة الفضائية بعقد مؤتمره 64 في بكين. مؤخرا، وهو   المؤتمر الذي حضره ممثلون من جميع الوكالات الفضائية العالمية من أمريكا وروسيا إلى نيجيريا و سوريا و الذين حرصو على مناقشة كل شيء من أحدث تصاميم الصواريخ و آثار الجاذبية الصغرى على الغدة الدرقية و كذا أفضل السبل لتلغيم كويكب صغير وكيفية لحام معادن صهاريج الوقود في الفضاء، وجميع الأشياء المفيدة، بطبيعة الحال.

لكن السفر إلى الفضاء لم يكن أبدا متعلّقا بالعلوم بل هناك أيضا يدخل ضمن دائرة السلاح الديبلوماسي. وبالتالي يشكل المؤتمر فرصة للمسؤولين لتبادل الدردشة وكذا إعلان مخطّطاتهم. وهكذا أكّد ”ما.كزنكرو” رئيس الإدارة الوطنية الصينية للفضاء المعروفة بـ”سي إن سا ”(CNSA) و الذي كان المستضيف الرسمي للمؤتمر في الواقع، إنه سيتم إطلاق بعثة قمرية غير مأهولة ”تشنغ إه 3 ”(Chang’e 3) في النصف الأول من دجنبر. وهذا يعني أنه إن سارت الأمور بشكل جيّد، ستتجول مركبة فضائية صينية على سطح القمر قبل نهاية العام الحالي.ستتلخص مهمتها في تجميع و تحليل عينات من ثرى القمر (وهو الصخر المجروش الذي يوجد على تربة القمر) كما ستقوم بتدوين بعض الملاحظات الفوق البنفسجية للنجوم .وستذكر العالم بأن الصين تنوي أو على على الأقل تعتزم إرسال أشخاص إلى القمر و خلال وقت قريب. وكما أكد السيد ”ما” أن الصين تخطّط لبناء محطّة فضائية دائمة بحلول عام 2020. مثل هذه المحطات المأهولة هي مكلفة و غير مجدية علمياّ مثل المحطة الإمريكية الفضائية العالمية الضخمة ”آي إس إس”(ISS) التي تتواجد حاليا بالمدار.

ولكنه من الناحية الديبلوماسية فلهذه المحطات دور مفيد، وقد كان هذا سببا لتكرار السيد ”ما. كزنكرو” في كلمته أن ضيوفه الأجانب سيكونون موضع ترحيب على متن محطّته- مناقضا لمحطة ”آي إس إس” التي تحضرها على رواد الفضاء- إلا أنه يتوجّب على الزائرين تعلم اللغة الصينية أولا كما أشار. ولكنه على الرغم من ذلك لم يعلّق على أي جانب يتعلق بالبرنامج الفضائي الصيني و كيفية تسخيره لأهداف عسكرية.

معظم البرامج الفضائية تكون عسكرية إلى حدّ كبير، إستخدمت كل من أمريكا والإتحاد السوفياتي قبل تفككه صواريخ لأطلاق الأقمار الإصطناعية ورواد الفضاء في أيامهم الأولى، وحتّى في أيّام المكوك الفضائي قامت ”الناسا”NASA) بتوظيف هذا الجهاز لوضع أقمار تجسس في المدار و استعادتها بعد ذلك.

بالنسبة لمجهودات الصين الفضائية فهي مازالت في مرحلتها الأولى بحيث لا تزال التطبيقات المدنية والعسكرية تتشابك فيما بينها. في يونيو حزيران على سبيل المثال أطلقت الـ”سي إن سا” ثلاث أقمار صناعية حسبما زعم أنه جزء من مشروع لتنظيف الفضاء القريب للأرض عن طريق إزالة الحطام المداري.إن هذا الحطام هو في الواقع مشكلة نظرا لعدد الإطلاقات التي حدثت منذ رفع ”سبوتنيك” سنة 1957 و التي لم تكن في مصلحة الصين عند إختبارها للسلاح المضاد للأقمار الإصطناعية سنة 2007 ،فقد فجّرت أحد أقمارها الإصطناعية الزائدة إلى نحو 150.000 قطعة مما استدعى الندم.كما شك الساخرون على أن ما تم إطلاقه هو نوع آخر من السلاح المضاد للأقمار الصناعية أو غالبا قطعة من التيكنولجيا ذات الإستخدام المزدوج والتي يمكن أن تكون بمثابة كاسحة للفضاء كذلك. وقد تم الكشف على أنه تم تجهيز واحدة من هذه المركبات التي أطلقت حديثا بذراع روبوتي من النوع الذي قد يتمكن من التقاط قمامة الفضاء.

و قد كانت هناك أخبار على أن القمرين الآخرين كانا يحاصران الحطام ،ولكنه بمجرد إنطلاق الإختبارات الأولى قام القمر الإصطناعي ذو الذراع الروبوتية بمناورات غير اعتيادية ولم يقترب من أي واحد من الإجهزة التي أطلقت معه.ليقوم بسلوك فقط من شأنه أن يكون مفيدا إن أردت تلقي ملاحظة أو الإتصال بقمر صناعي يخص دولة أخرى. بطبيعة الحال ليس الصينيون وحدهم هم من يعملون على مشروع تسليح الفضاء، فأمريكا منشغلة بهذا المجال الشيء الذي عكّر أجواء المؤتمر في الإجتماع مما هو طبيعي في مؤتمرات الملاحة الفضائية الدولية.يحضّر القانون الأمريكي تعاون وكالة ”ناسا” مع الصين أو حتّى تنظيم تبادلات ثنائية معها

.وقد كان حضور عدد من أفراد وكالة ”ناسا” الحفل مدفوعا بفضول للإحتفاء أنشطة المركبة الرابعة الصينية أكبر واحدة ستجوب سطح المريخ. لكن هذا لم يوقف زعيم ”الناسا” تشالز بولدن الذي ألقى بكلمته خلال المؤتمر بكل إصرار، فقد قدمت مذكرة للسيد بولدن من الكونغرس للسماح له بذلك بالتماطل قانونيا على أنه مازال لا يحق له التحدّث إلى السيد ”ما” أو زملائه في الـ”اإس إن سا” فأقل ما بوسعه هو الإجتماع بأعضاء الأكاديمية الصينية للعلوم إلى مناقشة القضايا ذات الإهتمام المشترك و التي تشمل كيفية استخدام الأقمار الإصطناعية لدراسة الأرض -الجزء الأكثر إفادة في علوم الفضاء.لكنه يبقى هناك سؤال مثير ماذا لو أن عملية تنظيف الفضاء من القمامة لم تحدث بطريقة ما.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password