رغم عدم تحديد مجلس التعاون الخليجي طبيعة المشاركة المغربية الأردنية في هذا التجمع العربي، إلا أن ما تحدثت عنه التقارير عن دور مغربي في التعاون العسكري بين دول المجلس ومشاركته في الإطار الخليجي المساهم في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش يشير إلى انالمغرب، على الأقل، بات ملتصقا بالمجلس مع استبعاد الحصول على عضويته.
في قمة الدوحة الخليجية التي عقدت الأسبوع الماضي تمت الإشارة إلى الارتياح الذي وصلت إليه الشراكة الاستراتيجية مع كل من المغرب والأردن، دون ان يعلن عن ميادين هذا الشراكة والتزامات كل طرف من أطرافها.
وتعود الشراكة المؤطرة رسميا بين المغرب ومجلس التعاون الخليجي إلى منتصف ايار/ مايو 2011 بإعلان قمة الرياض الخليجية ترحيبها بانضمام الأردن والمغرب للمجلس «انطلاقا من وشائج القرب والمصير المشترك ووحدة الهدف وتوطيدا للروابط والعلاقات الوثيقة القائمة» بين شعوب دول المجلس وشعبي البلدين وإدراكا لما يربط دول المجلس بالدولتين من علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية إضافة إلى اقتناعها بأن التنسيق والتعاون والتكامل فيما بينها لا يخدم شعوبها فحسب بل يخدم الأهداف السامية والأمة العربية جمعاء.»
وأضاف بيان قمة الرياض ان الموافقة على طلب الأردن والمغرب تأتي في إطار النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي وميثاق جامعة الدول العربية اللذين يدعوان إلى تحقيق تقارب أوثق وروابط أقوى.
مخيال البعض في المغرب، نظرا للظروف الاقتصادية التي تعرفها البلاد، ذهب في أول رد فعل، وكتب ذلك في عدة منابر، إلى ان انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي يعني انه أضحى جزءا من هذه الدول وهو ما يعني إلغاء نظام التأشيرة بين المغرب وبين الدول الخليجية وسهولة التواصل، بحيث يمكن للأطر المغربية العالية ان تنتقل للعمل في دول الخليج في مختلف القطاعات مثل البنوك والتعليم العالي والطب والتمريض، ثم العمل في الشركات المختلفة.
كما ان الانضمام سيفتح أبواب أسواق المجلس وبدون رسوم جمركية في وجه المنتجات الزراعية المغربية وستفتح السوق المغربية أبوابها وبدون جمرك في وجه الصناعات الخليجية التي ستسوق بأسعار مناسبة، حيث ستعوض السلع الأوروبية التي تسوق بأثمان مرتفعة لا تناسب دخل المواطن المغربي البسيط وسيحصل المغرب على امتياز استيراد البترول بأسعار منخفضة ومعقولة سواء للاستهلاك المحلي، او بإعادة طرحه للبيع في الأسواق الدولية بأسعار عالمية.
إلا أن هذا الترحيب الخليجي ومخيال البعض المغربي لم يقابل في حينه بترحيب رسمي مغربي مماثل، إذ كانت القراءة المغربية مختلفة ومتحفظة، وخلصت رسميا إلى ان المكان الطبيعي للمغرب هو اتحاد المغرب العربي الذي يجمعه منذ 1989 مع ليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا، رغم ما يعرفه من جمود وما تعرفه علاقاته مع الجزائر من توتر.
وحسب الأوساط الدبلوماسية المغربية، التي أعادت لـ «القدس العربي» قراءة ما جرى من مفاجأة للمغرب بما ورد بالبيان، فهو لم يطلب الانضمام للمجلس، وبلغ، قبيل صدور البلاغ، من طرف وزير خارجية دولة خليجية وبشكل غير رسمي. والقراءة المغربية الرسمية وغير الرسمية هي ان المبادرة الخليجية جاءت في خضم «الربيع العربي» لدور أمني مغربي أردني بالخليج تعويضا عن دور مصر حسني مبارك بعد ثورة 25 يناير/كانون ثان، إنْ في ترتيبات الأمن الخليجي الداخلي أو لمواجهة «الخطر الإيراني».
إلا ان رد الفعل المغربي وتحفظ دول في المجلس، خاصة سلطنة عمان رأت ان دعوة الأردن والمغرب يدفع باتجاه خلق محور داخل الجامعة العربية، لن يلقى ارتياحا من لدن دول عربية أخرى، وقد يؤدي إلى عزلة خليجية، ثم انحصار الربيع العربي وتحولاته الدموية (ليبيا، سوريا واليمن) كبح الاندفاع الخليجي لتحويل القرار الأولي إلى اتفاقيات والاكتفاء، رسميا، بجانب التمويل (5 مليارات دولار لخمس سنوات) والتعاون الاقتصادي.
التعاون الأمني والعسكري الثنائي بين المغرب وعدد من دول الخليج يتطور منذ ثمانينيات القرن الماضي، فإضافة للتحالف والتقارب السياسي كان التعاون الأمني ومنذ نهاية السبعينيات وثيقا، فالمغرب شارك في القضاء على حركة جهيــنة نهاية السبعينيات بالسعودية وأرسل قوات لحفر الباطن بالسعودية 1990 بعد دخول العــــراق للكويت، وإنْ لم تشارك هذه القوات بالحرب، والخبراء الأمنيين المغـــاربة يتواجدون بكثافة في الإمارات، وبشكل رسمي، بالإضـــافة إلى الاســـتعانة بمغاربة بشكل فردي وعن طريق الدولة، للعمل في صفوف الشرطة في هذه الدولة الخليجية أو تلك.
تطورات الوضع العراقي السوري بعد إعلان تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام وإعلان الخلافة، كشف عن تعاون عسكري متطور بين دول الخليج والمغرب حيث أوضحت تقارير أمريكية عن مرابطة طائرات عسكرية مغربية من نوع F16في دولة الإمارات العربية وان هذه الطائرات بدأت الاسبوع الماضي بمشاركة قوات التحالف الدولي هجماتها على مواقع تنظيم «داعش» في العراق وان هذا التعاون جاء بعد قبول المغرب طلب الإمارات العربية المتحدة لبعث وفود عسكرية للخليج وان حضور العاهل الملك محمد السادس لاستعراض عسكري بابو ظبي يؤكد هذا التعاون العسكري وهو ما شجع على الاعتقاد بامكانية ضم المغرب للحلف العسكري الخليجي الذي قررت قمة الدوحة الاسبوع الماضي تشكيله على غرار حلف الناتو دون أن يكون عضوا في مجلس التعاون الخليجي، والاكتفاء بمنحه وضعية الشريك الاستراتيجي.
وكشفت الاوساط الدبلوماسية لـ»القدس العربي» ان المشاركة العسكرية المغربية بالتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» جاءت بالحاح خليجي، بعد استبعاد الولايات المتحدة وفرنسا، لاي دور فعلي مغربي في هذه الحرب والاكتفاء في الدور المعلوماتي والمخابراتي واللوجيستيكي ليصل الدور المغربي إلى احتضان اجتماع على مستوى رفيع لدول التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام «داعش» الذي سيعقد الاسبوع المقبل في مراكش.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، ان اجتماع الدول المشاركة في التحالف، والبالغ عددها 60 دولة، الذي عقد قبل أسبوعين بمدينة بروكسل، قرر عقد أول اجتماع يضم جميع دول هذا التحالف يوم 15 كانون أول/ ديسمبر الجاري بمدينة مراكش.
والمسؤولون المغاربة يضعون بلادهم في دائرة الدول المستهدفة بموجة الإرهاب الذي تمارسه التنظيمات الاصولية المتشددة، فإضافة لمئات المقاتلين المغاربة في صفوف هذه التنظيمات، تقدر وزارة الداخلية وجود حوالي 1200 مغربي بصفوف داعش، تعلن السلطات المغربية بين الفينة والاخرى عن تفكيكها خلايا لهذا التنظيم كانوا يخططون لهجمات داخل المغرب او استقطاب شبان للقتال في سوريا والعراق بالاضافة إلى ما تعرض له من هجمات منذ 16 ايار/ مايو 2003.
لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هل المشاركة المغربية في القتال ضد تنظيم داعش في إطار المشاركة الخليجية يمكن ان تدفع باتجاه اندماج أوسع للمغرب في مؤسسات مجلس التعاون الخليجي، السياسية والاقتصادية والأمنية.
والجواب على هذا السؤال لا زال حتى الآن سلبيا، لأن الاندماج الكامل له أعباؤه، التي لم تدخلها دول مجلس التعاون في إطار البحث، وايضا السياقات التي دخل فيها المغرب، رغم ما أشار إليه بيان قمة الرياض 2003 «سمات مشتركة وأنظمة متشابهة» بين المغرب ودول المجلس، فإن هناك بونا شاسعا في البنية السياسية والحزبية تطور وتوسيع الهامش الديمقراطي، الانفتاح الاجتماعي، يجعل مجرد التفكير بذلك نوعا من الخيال.
على هامش قمة الخليج: المغرب حليف وشريك خاصة في مكافحة الإرهاب ولكن دون انضمام إلى مجلس التعاون
الملك محمد السادس رفقة ملك السعودية