أقدمت مؤسسة القوات المساعدة على فصل كولونيل رفض السلام باليد على الوالي زينب العدوي امعينة على إقليم القنيطرة، وتختلف القراءات لهذا الحدث وإن كان أغلبها يصب في ضرورة إقالة هذا الضابط، لكن نفس أصحاب هذا الموقف قدموا قراءة مختلفة عندما تحفظت امرأة من دولة مالي السلام باليد على الملك محمد السادس خلال تواجده في هذا البلد الإفريقي.
وتناولت الصحافة قرار الدولة المغربية التشطيب على الكولونيل من الخدمة العسكرية بعد رفضه السلام باليد. وبعد ارتفاع الجدل والنقاش وإدراك الدولة العميقة أن قرارها لا يستند الى ما هو قانوني بل خرقا قانونيا، سارعت الدولة الى القول أن سبب التشطيب هو ملفات أخرى. وتبقى هذه الحجة بدون أدنى مصداقية لأن الدولة تعودت اتخاذ قرارات والرد بتبريرات واهية. ولعل الرأي العام يتذّكر أنه بعد قرار النائب الاستقلالي عادل تشيكيطيو عدم الركوع، ردت الدولة باستخراج من “ثلاجتها” ملف “جنائي” لشقيقه في محاولة منها لامتصاص رمزية ما أقدم عليها النائب.
وتبقى قمة النتاقض هو التفسيرات التي يسقط فيها الكثير من الذين صفقوا لقرار التشطيب على الكولونيل الذي رفض السلام على الوالي زينب باليد، فقد اعتبروا ذلك قرارا صائبا، وهي الأصوات نفسها التي بررت قرار امرأة من مالي رفضت السلام باليد على الملك محمد السادس. هذه الأصوات قالت أن الملك متفهم لقرار المرأة المالية ويحترم مشاعر الآخرين وأن المغرب دولة التسامح. ولم نسمع باتخاذ الدولة المالية قرارا عقابيا في حق تلك المرأة، كما أن فرنسا لم تتخذ قرارا في حق الذين رفضوا السلام على الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.
وإذا كان تصرف الكولونيل قد صدر بوازع عقائدي وليس خرقا للقانون، وإن كان تصرفه غير مرحب به، فلا يتطلب الأمر معاقبته. ومن ضمن الأمثلة أن دولة من حجم بريطانيا سمحت للشرطيات المسلمات بارتداء الحجاب ويرفضن السلام باليد على المسؤولين ولم يتعرضن للعقاب، والأمر نفسه في حالة شرطة من الرجال المسلمين. ويوم 22 يناير الماضي، صادق البنتاغون على قانون جديد يسمح للجنود بارتداء القلسونة اليهودية وللسيخ ارتداء العمامة وللمسلمين ترك اللحية.
ويبقى الفارق هو أن تلك الدول تثق في صلابة مؤسساتها وإن كانت علمانية فهي تحترم عقائد الآخرين، وبين دولة مثل المغرب فيها مسؤولون ينظرون بمنظار مختلف، وحقا “إذا كنت في المغرب فلا تستغرب”.