مرت ثلاث سنوات على حكومة الحزب الشعبي بزعامة ماريانو راخوي، وحملت معها تطورات كبيرة تشهدها البلاد على رأسها ظهور قوة سياسية جديدة تهدد بتغيير المشهد السياسي جذريا، بينما تستمر الأزمة رغم احتواءها نسبيا وارتفعت نسبة العطالة الى مستويات لم تشهدها البلاد طيلة عقود وسقطت الحكومة في فضائح فساد.
وجاء الحزب الشعبي الى السلطة خلال نوفمبر من سنة 2011 رافعا شعار إخراج البلاد من أخطر أزمة اقتصادية تمر منها البلاد مقارنة مع أزمات سابقة، وهي أزمة اقتصادية تضرب مجموع الغرب وليس فقط اسبانيا وحدها.
ولا تحالف الأرقام الحكومة المحافظة الحالية، فإذا كان رئيس الحكومة السابق خوسي لويس رودريغيث سبتيرو قد ترك تراجع الإنتاج الخام لسنة 2011 ب 0،1% أي تراجعه بقرابة مليار يورو عن سنة 2010، فقد سجل في عهد حكومة راخوي تراجعا بقرابة ثلاث نقاط خلال السنتين الأولتين من الحكم 2012 و2013، أي خسارة 24 مليار يورو. وقد يتقدم خلال السنة الحالية بحوالي 1%.
وعندما وصل راخوي الى الحكم كان عدد العاطلين هو 21% وهو ما يعادل خمسة ملايين 273 ألف شخص وارتفع مع نهاية 2013 الى أكثر من 26% وهو ما يفوق ستة ملايين عاطل، وتشير المؤشرات الى تراجعه الى 24% في نهاية السنة.
وسياسيا، وصل الحزب الشعبي الى الحكم في انتخابات 2011 بأغلبية مطلقة لم يحققها أي حزب تقريبا خلال العشرين سنة الأخيرة، وحصل على قرابة 45% بأكثر من عشرة ملايين صوت بينما الحزب الاشتراكي حصل على 28%. ويشهد المشهد السياسي أكبر التغييرات.
في هذا الصدد، ظهر حزب “بوديموس” الذي منحته استطلاعات الرأي الأخيرة لكل من جريدتي الموندو والباييس المركز الأول بحوالي 28% ، وهو حزب جديد لم يمر على تأسيسه سوى عشرة أشهر. وتراجع الحزب الشعبي الى المركز الثاني ب 26%، وهذا يعني أنه فقد 19 نقطة مقارنة مع انتخابات 2011.
وفي علاقة بالإجتماعي والسياسي، تعيش اسبانيا على إيقاع فضائح هزت كل مؤسسات الدولة من ملكية وكنيسة وحكومة ومؤسسة عسكرية. وتحولت المحاكم الى معطى رئيسي في نشرات الأخبار التلفزيونية والجرائد الرقمية والورقية. وتحولت الأخبار حول الفساد المالي للسياسيين الى حديث الرأي العام. ومس الفساد الحزب الشعبي الحاكم الذي تبين أنه أقام شبكة من المصالح الاقتصادية عبر الحصول عل علاوات من صفقات لتمويل الحزب. وتمسى الفضيحة غورتيل ويوجد محاسب الحزب الشعبي بارسيناس في السجن منذ سنة بتهمة الاختلاس وتمويل الحزب. ويوجد عدد من زعماء الحزب ملاحقين، واضطرت وزيرة الصحة الى تقديم استقالتها يوم الخميس 27 نوفمبر بعدما تبين استفادتها من رشاوي.
الوحدة الترابية: وإذا كان القضاء يواجه الفساد المالي، والمواطنون سيغيرون الحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة، يبقى التحدي الكبير هو فشل حكومة ماريانو راخوي في معالجة مطالب الحركات القومية ومنها كتالونيا. فخلال ولاية الحزب الشعبي في السلطة، تحدى القوميون في كتالونيا الحكومة وأجروا استفتاء تقرير المصير شعبيا يوم 9 نوفمبر الجاري منحهم الأغلبية المطلقة. ويهدد رئيس حكومة كتالونيا بإعلان الاستقلال عن اسبانيا سنة 2016.
ويؤكد المحللون الإسبان وكذلك الدوليين أنه رغم تفاقم الأزمة بشكل كبير ومنها استعمال الحزب الحاكم أموال مشبوهة في الانتخابات، يستمر رئيس الحكومة في السلطة ويرفض الدعوة الى انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، وهذا يبرز تراجع جودة الديمقراطية الإسبانية.
في غضون ذلك، انتعشت النكتة السياسية بما فيها الكاريكاتير حيث هناك إبداعات رائعة تدل على السخرية من الواقع ومنها هذا الكاريكاتير كاملا حول الجواب الأبدي لرئيس الحكومة “لا يحدث اي شيء”. والكاريكاتير يتضمن سؤال الصحافة: “الشرطة تربط حسابات الحزب الشعبي بفضيحة غورتيل ووثائق بارسيناس، ويكون الجواب “لا يحدث أي شيء.