عاد الربيع العربي-الأمازيغي ليستأثر مجددا باهتمام الرأي العام العربي والدولي في أعقاب التطورات التي يشهدها اعتبارا من الخميس والجمعة من هذا الأسبوع والمتجلية في عملية اغتيال معارض يساري تونسي، مما قد يدخل البلاد في أزمة سياسية جديدة، وفي الوقت نفسه، في التظاهرات الضخمة في مصر سواء لتأييد إقالة الرئيس محمد مرسي أو التشبث بعودته. وهذه التطورات تجد تجليات لها وسط الرأي العام المغربي الذي بدوره يشهد استقطابا نسبيا في رؤيته لما يجري.
وتفاجأ الرأي العام العربي أمس الخميس مجددا بعملية اغتيال سياسية جديدة في تونس استهدفت السياسي اليساري محمد براهمي، حيث تعرض ل 11 طلقات نارية من مجهولين. وبهذه العملية عادت لتخيم أجوءا التوتر في تونس شبيهة بتلك التي سادت عندما جرى اغتيال السياسي اليساري شكري بلعيد منذ ستة أشهر وتسبب في أزمة خطيرة أدت الى تعديل حكومي فقدت على إثره حركة النهضة رئاسة الحكومة.
في هذا الصدد، تشهد تونس تظاهرات في مختلف المدن تستهدف أساسا مقرات حكومية ومقرات حركة النهضة ومنها حرق مقرين للحركة في مدينة سيدي بوزيد، حيث يحمّل المتظاهرون هذه الحركة المسؤولية المعنوية علملية الاغتيال، متهمين إياها بالترويج للعنف السياسي.
وبدورهاـ تعتبر حركة النهضة على لسان زعيمها، راشد الغنوشي أن الجريمة مدبرة وتستهدف استقرار البلاد، وتذهب أصوات أبعد للتأكيد على أنها عملية تستهدف ضرب الإسلام السياسي بعد وصوله الى السلطة.
وتبقى تونس مفتوحة على تطورات غير مرتقبة في ظل حالة الاحتقان الخطير الذي تعيشه البلاد نتيجة هذه الجريدة.
والاستقطاب السياسي نفسه هو الذي يهيمن على مصر، حيث تتجه الأنظار الى ميادين البلاد مجددا لمعرفة مدى تلبية الشارع المصري لكل من دعوة قائد القوات المسلحة ووزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي الذي طلب أول أمس الأربعاء من الجماهير التظاهر اليوم الجمعة دعما للمؤسسة العسكرية والأمنية في مواجهة الإرهاب الذي قد تشهده البلاد. كما تتجه الأنظار الى حركة الإخوان المسلمين لمعرفة مدى قوتها في حشد تظاهرات مضادة للإستمرار في مطلبها الرئيسي بعودة محمد مرسي الى كرسي الرئاسة بعدما أقاله الجيش منذ ثلاثة أسابيع.
وتنعكس حالة الاستقطاب بشكل جلي في العالم العربي ومنه في المغرب. فقد عادت أحداث مصر وتونس لتحتل واجهات الجرائد الرقمية المغربية بشتى توجهاتها بين المتابعة والتحليل أو الانحياز الى هذا الطرف أو ذاك. ويتجلى الاهتمام الكبير في التعاليق في شبكات التواصل وأساسا شبكة الفايسبوك، حيث تتحول جدران بعض الصحفيين والناشطين وكذلك الجرائد الى حلبة للجدل القوي ينتقل أحيانا الى السب والقذف.
وفي الوقت نفسه، يدفع هذا الاستقطاب الى إسقاط حالتي تونس ومصر على المغرب من خلال مقارنة رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران بالمصري المعزول محمد مرسي وحزب العدالة والتنمية بحركة النهضة، بين من يعتبر ابن كيران امتدادا لحركة الإخوان المسلمين، وبين من يتحدث عن مؤامرة علمانية تستهدف الإسلام السياسي.
وتزيد ليالي رمضان من هذا الجدل والاستقطاب قوة من نتائجها استمرار اهتمام المغاربة بتطورات الربيع العربي-الأمازيغي.