بعد أن كان ضمن الأحزاب -التي تبنت مقترح قانون بالبرلمان المغربي ينص على تجريم التطبيع مع إسرائيل- أعلن حزب الأصالة والمعاصرة (المعارض) تبرؤه من المقترح، بينما تشير توقعات مصادر برلمانية إلى احتمال إقدام أحزاب أخرى على الخطوة نفسها لـ”حساسية” الموضوع.
وجاء سحب دعم الحزب لمقترح القانون -الذي أعده “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع”- مباشرة بعد دعوة وجهها القيادي في الحزب وعضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان الحبيب بلكوش إلى الأحزاب التي تبنت هذا المقترح، ومستشاري الملك محمد السادس، ورئيس الحكومة عبدالإله بن كيران لسحبه انطلاقا مما أسماه “النزاهة والمسؤولية”.
وكان حزب “الأصالة والمعاصرة” تبنى- في وقت سابق- هذا المقترح بمعية حزبي” حزب العدالة والتنمية”، و”التقدم والاشتراكية” المشاركين في الحكومة، وحزبي “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” و”الاستقلال” المعارضين.
وينص مقترح القانون على أنه “يعاقب كل من يساهم أو يشارك في ارتكاب أفعال التطبيع مع الكيان الإسرائيلي أو يحاول ارتكابها بعقوبة حبس تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، وغرامة تتراوح بين مائة ألف ومليون درهم، فيما تسري أحكام هذا القانون على كل من اختار الجنسية الإسرائيلية”.
حسن نية
وذكرت تقارير صحفية مغربية -في وقت سابق- أن جهات عليا في السلطة بالمغرب -لم تحددها- وجهت ملاحظات إلى حزب “الأصالة والمعاصرة” بخصوص “حساسية” هذا الموضوع، وهو ما أدى -حسب تلك المصادر- إلى إرسال الأمين العام للحزب مصطفى الباكوري رسالة إلى رئيسة الفريق النيابي للحزب ميلودة حازب لدعوتها إلى سحب المقترح بناء على قرار من المكتب السياسي.
وفي هذا الإطار، قالت حازب للجزيرة نت إن سحب مقترح القانون “جاء لكون رئيس الفريق النيابي السابق قدمه بحسن نية دون إخضاعه للنقاش بين أعضاء الفريق”.
وأضافت أن هذا الفريق النيابي “يعتبر أن المرحلة الحالية تتميز بضعف الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، وذلك يحتم التفكير في أمور إيجابية تكون منتجة ومساعدة لهذه القضية بدلا من تأجيج الحدة الإسرائيلية ضدها”.
وتوقعت مصادر برلمانية مغربية -رفضت الكشف عن هويتها- “التبرؤ من هذا المقترح بهدوء” من خلال سحب باقي الفرق النيابية التي تبنت المقترح له، خاصة بعد ردود الفعل السلبية التي أثارها، وتحذير زعماء يهود في الولايات المتحدة من تأثيرات وخيمة على الاقتصاد المغربي إذا ما تم إقرار المقترح.
وكان زعيم اليهود الأميركيين شيمون صامويلز -الذي يرأس مركز “سيمون ويسنتهال للعلاقات الدولية”- دعا في رسالة مفتوحة وجهها إلى الملك محمد السادس للتدخل لإلغاء مقترح هذا القانون، معتبرا أن من شأن المصادقة عليه أن “يؤثر في صورة المغرب كبلد التسامح،والمعروف بعلاقاته المتميزة مع الجالية اليهودية عبر أنحاء العالم”.
ضغوط صهيونية
من جهته، أقر القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي بأن سحب مقترح القانون “جاء استجابة بائسة لضغوط لوبي داعم للصهاينة داخليا وخارجيا”.
وأضاف أن “من مصلحة المغرب الوقوف إلى جانب القضايا العادلة، وليس التساهل مع الدعاوى المؤيدة للتطبيع”، معتبرا أن من شأن ذلك “الإضرار بمصالح المغرب”. وقال إن حزب العدالة والتنمية يتمسك بمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية.
أما رئيس “المركز المغربي لمناهضة التطبيع” أحمد ويحمان فاعتبر أن موقف حزب الأصالة والمعاصرة يتضمن “مفارقة وتناقضا من خلال دعوته لسحب القانون من أجل تعميق النقاش”.
وقال ويحمان للجزيرة نت إن مقترح القانون “يحظى بما يشبه الإجماع من خلال دعم كافة القوى السياسية والحقوقية والاجتماعية والنقابية التي تمثل أغلبية المغاربة، ومن اختار الانسحاب منه يتحمل مسؤولية قراره”.