تفاديا للتوتر مجددا، الرباط تحاول التعاطي مع باريس انطلاقا من تجربة التعامل مع مدريد في الملفات الشائكة

الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند مستقبلا الملك محمد السادس خلال فبراير 2015 بعد انتهاء الأزمة الثنائية

تشهد العاصمة باريس وسط هذا الأسبوع قمة مغربية فرنسية برئاسة رئيسي حكومتي البلدين، عبد الإله ابن كيران ومانويل فالس، وتأتي في ظل توتر خافت بسبب ملفات قضائية شائكة. ويبدو أن الرباط ترغب في إرساء آليات لعلاقات ثنائية مع باريس على شاكلة ما اعتمدته مع مدريد في الملفات الشائكة، اي التفريق بين موقف الحكومة وموقف مؤسسات ومنها القضاء.

وتأتي القمة الثنائية بعد سنة كاملة من التوتر بين البلدين في أعقاب قرار القضاء الفرنسي ملاحقة مدير المخابرات الحموشي بتهمة التعذيب في ملفات أبرزها ملف البطل العالمي السابق في تايك بوكسينغ زكريا مومني.

وكان المغرب قد جمد العلاقات مع باريس بسبب استدعاء الحموشي للتحقيق خلال فبراير من السنة الماضية، وعادت العلاقات لتسجل تحسنا خلال فبراير الماضي من خلال لقاء بين الملك محمد السادس والرئيس فرانسوا هولند في الإليزيه، لكن كانت المفاجأة هو قرار القضاء الفرنسي ملاحقة الحموشي ومنح الأسبقية للقضاء المغربي للتحقيق والمحاكمة، وفق محضر قضائي كتبت وزكالة فرانس برس عن مضمونه.

ورغم قرار القضاء الفرنسي، التزمت الحكومة المغربية هذه المرة الصمت، ولم ترد نهائيا بقرار يعيد التوتر من جديد، رغم أنها ليست راضية على القرار بعدما كانت السلطات المغربية قد أوحت للرأي العام المغربي خلال المصالحة بإغلاق ملف المتابعة نهائيا.

وصيغة الصمت التي التزمتها الدولة المغربية ليست جديدة بل عملت بها طيلة الثلاث سنوات الأخيرة مع اسبانيا، حيث فضلت الرباط علاقات هادئة مع مدريد رغم وقوع أحداث عادة ما كانت تسبب في مواجهات في الماضي. ومن ضمن الأمثلة، ولم ترد الرباط علانية على قرار اسبانيا تحديد المياه الأطلسية في جزر الكناري على حساب المغرب أو التصريحات المتتالية حول أسبنة سبتة ومليلية المحتلتين.

وبدأت الرباط بتطبيق الصيغة الجديد في العلاقات المغربية-الفرنسية، فقد تجنبت التعليق على رفض قضاة فرنسا واللجنة الاستشارية الفرنسية لحقوق الإنسان للاتفاقية القضائية المقبلة بين البلدين. وفي الوقت نفسه، ابتعدت عن خطاب اتهام جهات فرنسية تعمل لصالح جهات أجنبية ومنها الجزائر بعرقلة العلاقات الثنائية. وبالتالي، بدأت الرباط تفرق بين عمل المؤسسات الفرنسية التي ليس بالضرورة تخضع للحكومة أو تتبنى مواقفها.

وتحاول قمة باريس الجديدة إعادة الدفئ للعلاقات المغربية-الفرنسية على مستوى الاقتصاد والتعاون السياسي الإقليمي في ملفات منها أزمة دولة مالي واجتماعية مثل الهجرة السرية ومكافحة الإرهاب.

ورغم وجود دول صديقة للمغرب وسط الاتحاد الأوروبي مثل بلجيكا واسبانيا، إلا أن فرنسا تبقى الدولة الأكثر أهمية سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا للرباط في الاتحاد الأوروبي وكذلك في العالم.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password