تنوي الحكومة الإسبانية اللجوء الى أئمة المساجد لمساعدتها في نشر الاعتدال وسط الجالية المسملة في هذا البلد الأوروبي بعدما لاحظت ارتفاع استقطاب حركة داعش للعديد من الشباب وما قد يشكله من انعكاسات سلبية على أمنها مستقبلا. وينتقد خبراء معالجة حكومة مدريد لملف الإسلام بسبب إقصاءها المغرب من التسيير الديني في الماضي.
ويأتي قرار الحكومة ضمن ما يعرف “المخطط الاستراتيجي الوطني لمكافحة التشدد” الذي ينص على مكافحة جميع أنواع التشدد السياسي والاجتماعي ولكنه يولي أهمية خاصة للإسلام الراديكالي المتمثل في جماعات مثل القاعدة وحركة داعش التي أعلنت الخلافة الإسلامية.
وكشفت جريدة الموندو في عدد أمس الأحد عن مضمون هذا المخطط الاستراتيجي الذي يضم ثلاثة فروع لمواجهة التشدد بالتركيز على محاربة التطرف في اسبانيا ثم مواجهة التطرف في الخارج وعلاقته بالداخل وأخيرا محاربة التطرف القادم من العالم الافتراضي لشبكة الإنترنت والذي يعد الأخطر حتى الآن”.
وتراهن الدولة الإسبانية على الأئمة المعتدلين في البلاد لمساعدتها في مواجهة ظاهرة التشدد والتحاق شباب مهاجر أو شباب مسلم اسباني بحركات متطرفة مثل القاعدة وحركة داعش. وتبقى اسبانيا من الدول التي لديها نسبة قليلة من المنخطرين في هذه الحركات مقارنة مع بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا.
ويبقى أهم ما في هذا المخطط الاستراتيجي هو مكافحة الأئمة المتشددين سواء المتواجدين في اسبانيا أو القادمين من دول أخرى خاصة في مناسبات دينية مثل شهر رمضان، وفي الوقت ذاته محاربة التشدد المتواجد في العالم الافتراضي.
وكان خبراء مكافحة الإرهاب في اسبانيا يطالبون منذ مدة طويلة بمخطط شامل وواضح يتضمن تعديلات على القانون الجنائي ومكافحة الإرهاب من ضمن ما يشمل ملاحقة من يقيمون بالتعبئة السلمية للمتطرفين.
ويرى خبراء في الجالية الإسلامية في اسبانيا أن حكومة مدريد تؤدي الآن فاتورة غياب التعاون مع المغرب في المجال الديني. ونظرا لأهمية الجالية المغربية في مجموع أوروبا، فقد تعاونت دول مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا مع المغرب في مكافحة التشدد رغم أن هذه الدول تدعو الى إسلام أوروبي. وحدث العكس في حالة اسبانيا التي حالت دون أي تعاون مع المغرب بسبب المشاكل الثنائية القائمة بين البلدين، إذ سعت أطراف اسبانية رسمية الى التقليل من الوجود الديني الرسمي المغربي الى أدنى مستوى.
ويبقى العامل الذي دفعها الى نهج هذه السياسة الاحترازية هو خوف مدريد من تحويل المغرب مسلمي اسبانيا وخاصة الجالية المغربية الأكبر عددا الى طابور خامس يجري استغلاله في المشاكل الثنائية المتعددة بين البلدين، على الرغم من أن المغرب أعطى ضمانات بأن الهدف هو ما كان يصفه ملك المغرب ب “صيانة الأمن الروحي لمغاربة الخارج” بعيدا عن أي استغلال سياسي.