رغم تعليق المغرب التواصل مع الاتحاد الأوروبي خلال الأسبوع الماضي بسبب نزاع الصحراء الغربية، فقد سهل عمل عدد من الدول الأوروبية لتخاطبه في مكافحة الإرهاب والهجرة السرية بشكل منفرد ومن خلال اتفاقيات ثنائية. ويحدث هذا في وقت كانت المفوضية الأوروبية تجد صعوبات جمة مع الرباط في هذه الملفات بسبب ربط المغرب التوقيع عليها بقضايا أخرى.
وأقدم المغرب على تعليق التواصل مع الاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات على خلفية قرار المحكمة الأوروبية إلغاء اتفاقية التبادل الزراعي بين المغرب والمفوضية الأوروبية بسبب منتوجات الصحراء الغربية في حكم صدر يوم 10 ديسمبر الماضي، ولكنه لم يحدد جيدا نوعية التواصل الذي جرى تعليقه.
ويترتب عن هذا القرار توقيف المشاورات التي تجري بين الطرفين في قضايا أمنية ومنها مكافحة الإرهاب والهجرة السرية خاصة وأن المفوضية الأوروبية تتولى الاتفاقيات الكبرى مع دول شريكة للاتحاد.
ومقابل قرار المغرب وتدهور العلاقات بين الطرفين منذ أكثر من سنتين باعتراف وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار نفسه، بدأت الدول الأوروبية بشكل منفرد تراهن على اتفاقيات ثنائية مع المغرب في مجال محاربة الهجرة السرية والإرهاب.
وهذه المحاربة تعني شيئا رئيسيا وهو ضرورة تولي المغرب مسؤولية مواطنيه الذين يدخلون سرا الى الدول الأوروبية والتنسيق الأمني لجمع معلومات حول الأشخاص الذين يفترض تورطهم في الإرهاب لأن الكثير من المشتبه فيهم لهم امتداد في المغرب. ومما يجعل دور المغرب مهما هو تواجد مخابراته في عدد من الدول وسط الجالية المغربية بعدما تبين أن جزء من تمويل متطرفي الداخل يأتي من الخارج.
وفي هذا الصدد، فتحت دول أوروبية عديدة مفاوضات مع المغرب بشأن التعاون المخابراتي والهجرة السرية محاولة تكرار التعاون الجاري بين مدريد والرباط منذ سنوات. وكانت اسبانيا من أوائل الدول التي زاوجت بين المفاوضات المباشرة مع المغرب بشكل ثنائي وأخرى جماعية عبر الاتحاد الأوروبي.
والآن أصبحت لائحة الدول طويلة وأبرزها السويد التي ترغب في ترحيل القاصرين المغاربة، والمانيا التي ترغب في أكثر من عشرة آلاف مغربي والنمسا ترغب في شيء مماثل واليونان التي تعتبر معبرا للمغاربة نحو المانيا وأخيرا بلجيكا.
وهذا ما جعل الرباط وجهة وقبلة لمسؤولي هذه الدول بحثا عن اتفاقيات لترحيل المغاربة. ومن ضمن الأمثلة حول طغيان الأمني على أجندة المغرب مع أوروبا، فقد بحث وزير الداخلية الألماني توماس ديميزير الاثنين الماضي في الرباط ملف المهاجرين، وفي اليوم الموالي، الثلاثاء، بحث الوزير الأول البلجيكي شارل ميشيل في الرباط مع المسؤولين المغاربة ملف المهاجرين والإرهاب، وفي اليوم الموالي يوم الأربعاء انتقل وزير الداخلية المغربي محمد حصاد الى باريس للحديث عن الهجرة السرية والإرهاب مع الفرنسيين.
وأصبحت معظم سفارات المغرب في أوروبا تستقبل يوميا عشرات الطلبات بشأن توضيح هوية مهاجرين سريين يعتقد أنهم مغاربة لترحيلهم أو يطلبون معطيات حول مغاربة مشتبه فيهم بالإرهاب.
وهكذا، رغم تجميد المغرب التواصل مع الاتحاد الأوروبي في ملفات سياسية واقتصادية، يستمر القيام بلعب الدركي الأول في مجال الهجرة ومكافحة الإرهاب.