منع شريط “الزين لي فيك”: شجاعة الاستقواء وفرض للوصاية/ خديجة البقالي

صورة من فيلم "الزين لي فيك"

مثلي مثل باقي المواطنات والمواطنين المغاربة، لم تتح لي فرصة مشاهدة شريط ” الزين لي فيك” لمخرجه نبيل عيوش. لذلك لا يمكنني إبداء رأيي الشخصي اتجاهه الآن.

ما أشاهده وأعاينه وأعيشه في هذه اللحظة، هو إقدام الحكومة على منع الشريط من العرض في القاعات السينمائية، لما تضمنه من “إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية ومس صريح بصورة المغرب” طبقا لمبرر الحكومة. وهو ما يستحق في نظري إبداء الرأي.

شخصيا ، كنت سأعتبر الحكومة شجاعة وجريئة في التعبير عن قناعتها “الأخلاقية” و”القيمية” ) لا أقول السياسية حتى لا أثقل عليها)، لو أنها أقدمت الأسبوع الماضي على الحيلولة دون منع فريق الجيدو الإسرائيلي، ممثل دولة ترتكب جرائم يومية في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، من المشاركة في ماستر الجيدو بالدار البيضاء والحكومة تعلم علم اليقين أن الشعب المغربي يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني تحت أية ذريعة كانت .

كنت سأعتبر الحكومة شجاعة وجريئة في التعبير عن قناعتها “الأخلاقية” لو تفضلت بمنع مغنية أمريكية الصيف الماضي من تقديم عرضها بتبان شفاف في إحدى سهرات موازين مقابل الملايين من أموال المواطننين المغلوب على أمرهم، كانت( هذه الأموال) ستساهم في خفض رقم ستتة آلاف مدرسة ابتدائية بدون مراحيض.

وكم أتمنى أن لا تخون الحكومة هذه الشجاعة في الدورة الحالية من مهرجان موازين !

كنت سأعتبر الحكومة شجاعة وجريئة في التعبير عن قناعتها “الأخلاقية” و”القيمية” لو حالت قبل سنتين دون استفادة مغتصب الأطفال دانييل كالفان، الذي عبث بأجساد بريئة ودمر كيانها النفسي إلى الأبد، من الاستفادة من العفو الملكي و من مغادرة التراب الوطني بكل سهولة.

الحكومة “الأخلاقية” لم تكتف حينها حتى بالصمت خجلا، بل نزلت بهراواتها على رؤوس المحتجين على استفادة المجرم من العفو، و دبجت بلاغا اعتبرت فيه أن التعامل الاستثنائي مع السيد كالفان كان يخدم المصلحة العليا للوطن.

لقد جعلتنا الحكومة أضحوكة حقيقية أمام العالم.

أما اتخاذ قرار بمنع شريط لمخرج مغربي من العرض في القاعات السينمائية الوطنية، فذلك لا يمكن تقسيره إلا بمنطق الاستقواء بالسلطة على مواطن، وعلى فنان مغربي، لا يملك إلا رؤيته الفنية لواقع معين يترجمها من خلال أدوات العمل السينمائي .هذا من جهة.

من جهة أخرى، إقدام الحكومة على منع الشريط، لا يمكن تفسيره إلا بكونه فرضا للوصاية على المواطنات والمواطنين، وفرض لمنطق أخلاقي يختزل نفسه في” الحشومة ” و “العار”. وهو نفس المنطق الذي حكم إعفاء البروفيسور شفيق الشرايبي من مهامه الإدارية بمستشفى الليمون مؤخرا حين تحدث لقناة فرنسية عن وضعية الإجهاض السري بالمغرب، والذي سرعان ما تبين أنه منطق متجاوز، واقعيا وإعلاميا وأخلاقيا وسياسيا.

إن الشجاعة ا”لأخلاقية” و”القيمية” في نظري، كانت تقتضي أن تسمح الحكومة للمواطنات والمواطننين باعتبارهم راشدات وراشدين، بمشاهدة الشريط أولا. ثم بعدها يتم فتح نقاش عمومي حول الشريط في مختلف وسائل الإعلام، وعلى رأسها وسائل الإعلام العمومية، بمشاركة المخرج/ االمخرجين، ونقاد، وأخصائيين في التواصل وعلم الصورة وحقوقيين وجمعيات نسائية…. والجمهور الواسع، من مختلف الاتجاهات الفنية والفكرية .

نقاش يكون الهدف منه هو الارتقاء بمستوى التفكير والتحليل عند الجمهور، والرفع من حسه النقدي والجمالي والفني، وإعطائه فرصة تكوين رأيه الخاص اتجاه الموضوع. فعهد منع الصورة وفرض الوصاية على المواطينين في هذا المجال ولى بدون رجعة أمام تطور تكنلوجيا التواصل.

ما هو مطلوب اليوم؟

المطلوب هو تزويد الناس بالقدرة على قراءة الصورة، وترك الحرية لهم في اتخاذ القرار.

خديجة البقالي (*)إعلامية: khadija bakkali photo

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password