كانت دول العالم تتسابق على شراء أسلحة متطورة ولكنها الآن، بسبب كورونا فيروس تتسابق من أجل شراء الكمامات والقفازات الطبية وتوظف استخباراتها من أجل الحصول على آلات التنفس الاصطناعي في سوق عالمية تتميز بنذرة هذه المعدات، وطالبت دول مثل فرنسا من شركات السيارات بل ومن أيرباص المساهمة في صناعة هذه الآلات.
وطيلة سنوات طويلة، ووسائل الإعلام ومراكز البحث الاستراتيجي تعالج مقتنيات الدول من الأسلحة، وتصدرت صواريخ الباتريوت ومقاتلات ف 25 أو سوخوي ومضادات الصواريخ إس 400 المقالات الصحفية والبرامج التلفزيونية، وتقارن على ضوء هذه المقتنيات قوة هذا البلد أو ذاك. وفجأة تبخر كل شيء وبعد ظهور كورونا فيروس، أصبح الجميع يبحث عن الكمامات والقفازات الطبية وأساسا آليات التنفس الاصطناعي، وبل وأصبحت قوة الدول واستخباراتها تقاس مؤقتا بمدى تحقيق تقدم في هذا الشأن.
وعمليا، يوجد سباق عالمي بين الدول وخاصة المتضررة بكورونا فيروس، وهي عموما الدول المتقدمة والغربية من أجل الحصول على آلات التنفس الاصطناعي أو توظيف موارد البلاد لتصنيعها لاسيما بعدما تبين أن نسبة الوفيات المحدودة في الصين وكوريا الجنوبية يعود الى هذه الآلات.
وأصبحت هذه الآلات حاسمة في إنقاذ حياة المرضى الذين يوجدون في وضع حرج للغاية، بل واعترف أطباء في إيطاليا ونسبيا في اسبانيا وحتى في فرنسا أنهم وأمام ارتفاع المرضى، يلجأون الى تفضيل منح آلات التنفس الاصطناعي لمعالجة الذين تقل أعمارهم عن 70 سنة وترك كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة عرضة للموت.
ويهاجم كورونا فيروس الرئتين بقوة ويؤثر على وظائفهما، ويصاب المريض بالاختناق لأنه رئتيه لا تستطيعان التنفس، وقتها يحتاج ما بين أسبوع وحتى أسبوعين آلة التنفس الاصطناعي.
وتعتبر الصين من أكبر الدول التي تصنع آلات التنفس الاصطناعي، وهذا ساهم بشكل كبير في تقليص الوفيات إبان انتشار الفيروس، بينما إنتاج هذه الآلات محدود في الدول الغربية مما دفعها الى التفضيل بين المرضى.
ونظرا لقلة التصنيع في العالم وارتفاع الطلب بشكل جنوبي على هذه الآلات، وفي حربها الضروس ضد كورونا فيروس، أقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التوقيع على قرار يعتمد قانونا يعود الى الخمسينات، إبان الحرب الكورية، لكي تنتج مصانع البلاد ومنها جنرال موتورز آلات التنفس الاصطناعي. وتعهدت الشركة بتصنيع 40 ألف نهاية أبريل/نيسان. والأمر نفسه، أقدمت عليه دول كندا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا، بل لجأت الى مهندسي الجيش لكي تساهم في هذه المهمة.
وفي فرنسا مثلا، التزمت شركات السيارات مثل رونو وبوجو بتصنيع آلات التنفس الاصطناعي في أقرب وقت لسد الفراغ المهول في المستشفيات الفرنسية. وفي اسبانيا هناك شركة هيرسيل التي كانت تنتج عشرة آلاف أسبوعيا أغلبها للتصدير للعالم، والآن تريد صناعة مائة يوميا للبلاد.
وفي انتظار التصنيع والحاجة الملحة لهذه الآلات، يبقى المثير هو تكليف استخبارات هذه الدول بالبحث عن هذه الآليات وشراءها من السوق الدولية، وهي عملية صعبة للغاية تعادل شراء أسلحة نادرة إبان إبان الأزمات الكبرى. وتفيد أخبار بتولي الموساد شراء آلات التنفس من الإمارات العربية، وتتولى الاستخبارات الأمريكية محاولة شراء آليات من المانيا وسويسرا، وهي من الدول الرائدة في تصنيعها، وإقناع مهندسي بعض الشركات الالتحاق بالولايات المتحدة للعمل هناك.