اغلقت الولايات المتحدة وعدة دول اوروبية سفاراتها الاربعاء في صنعاء واجلت اطقمها الدبلوماسية على خلفية اشتداد الازمة السياسية والامنية في اليمن مع صعود المسلحين الحوثيين الشيعة الذين يحاولون تثبيت دعائم سيطرتهم على البلد.
وياتي ذلك فيما تتابع الاطراف اليمنية حوارا برعاية الامم المتحدة ومبعوثها الخاص جمال بنعمر للخروج من الازمة العميقة واطلاق مرحلة انتقالية جديدة بعد استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة.
وكانت واشنطن اول المعلنين مساء الثلاثاء عن اغلاق سفارتها الى اجل غير مسمى، ما قد يلقي بظلاله على جهود مكافحة الارهاب في هذا البلد الاساسي بالنسبة لواشنطن في هذا المجال.
وسارع موظفو السفارة الاميركية الى الخروج من البلاد وخلفوا وراءهم السيارات الدبلوماسية والعربات المدرعة التي استولى عليها المسلحون.
فقد استولى عناصر الميليشيات السيعية على ثلاثين سيارة اميركية في مطار صنعاء بعيد مغادرة السفير الاميركي.
واضافة الى السيارات الثلاث العائدة الى السفير ماثيو تولر ومساعديه، استولت الميليشيات الشيعية على اكثر من 25 سيارة تابعة لمشاة البحرية الاميركية (المارينز) المكلفين امن السفارة التي اغلقت ابوابها، وفق مصادر امنية في المطار.
وجاء في بيان للخارجية الاميركية انه “في 11 شباط/فبراير 2015 وبسبب الوضع الامني المتدهور في صنعاء، علقت وزارة الخارجية انشطة سفارتها وتم نقل طاقم سفارة الولايات المتحدة الاميركي خارج البلاد”.
وتابع البيان ان “جميع الخدمات القنصلية والمعاملات الروتينية و/او الطارئة علقت حتى اشعار اخر”.
كما حض البيان الرعايا الاميركيين على مغادرة اليمن.
وافاد موظفون يمنيون في القنصلية الاميركية ان الاميركيين اتلفوا وثائق وجميع المعدات الحساسة وخصوصا اجهزة الاتصال واليات قبل مغادرة السفارة في صنعاء.
وقال موظف رفض كشف هويته لفرانس برس ان “المارينز (الجنود الاميركيون المكلفون امن السفارة) دمروا اسلحتهم واتلفوا وثائق حساسة اضافة الى كل اجهزة الاتصال والحواسيب واجهزة الهاتف قبل مغادرة السفارة”.
واورد موظف اخر ان الاميركيين “اتلفوا كل ما لا يمكنهم نقله” بما في ذلك عدد كبير من السيارات التي تم سحقها بواسطة رافعات.
بدورها، اجلت بريطانيا سفيرتها وطاقمها الدبلوماسي من اليمن وعلقت نشاط سفارتها في صنعاء بسبب المخاوف من الوضع الامني.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية في لندن انها اوقفت عمل السفارة في صنعاء “موقتا”.
وقال الوزير البريطاني لشؤون الشرق الاوسط توبياس الوود ان “الوضع الامني في اليمن استمر بالتدهور خلال الايام الاخيرة”.
وذكر الوود ان السفيرة واعضاء البعثة الدبلوماسية غادروا اليمن صباح الاربعاء للعودة الى بريطانيا.
كذلك اعلنت ايطاليا الاربعاء اغلاق سفارتها في اليمن بصورة موقتة.
من جهتها ايضا، دعت فرنسا رعاياها البالغ عددهم حوالى مئة في اليمن الى مغادرة البلاد “في اسرع وقت” واعلنت اغلاق سفارتها “موقتا” اعتبارا من الجمعة.
وجاء على موقع السفارة “نظرا للتطورات السياسية الاخيرة ولاسباب امنية، تدعوكم السفارة الى مغادرة اليمن موقتا في اقرب مهلة عبر رحلات تجارية”.
واضاف ان السفارة الفرنسية “ستكون مغلقة موقتا حتى اشعار اخر اعتبارا من الجمعة 13 شباط/فبراير 2015”.
واوضح مصدر دبلوماسي ان هذا الاجراء توصية، وليس اجلاء، مضيفا ان المصالح الفرنسية ستمثلها السفارة المغربية.
وقد اكد مصدر دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس ان عدة سفارات اوروبية تفكر جديا بوقف نشاطها واجلاء اطقمها.
وقال المصدر “نحن نفكر في الرحيل”.
وانتقد نائب وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان “الخطوة المتسرعة” باغلاق البعثات الدبلوماسية، مؤكدا ان الحوثيين يكافحون “الفساد والارهاب”.
ويتهم الحوثيون بتلقي الدعم من ايران الا انهم صوروا تقدمهم نحو المناطق السنية على انه معركة ضد الاسلاميين المتشددين وطالبوا بدعم غربي.
وكان عبد الملك الحوثي زعيم ميليشيا انصار الله الشيعية حذر خصومه الثلاثاء من محاولة اثارة المشاكل في اليمن على حد قوله.
واتى هذا التحذير بموازاة مواصلة القوى السياسية اليمنية الحوار برعاية الامم المتحدة بالرغم من اتخاذ الحوثيين الشيعة تدابير احادية لاعادة ترتيب السلطة.
كما سعى الحوثي الى طمأنة البعثات الدبلوماسية في البلد المضطرب مؤكدا ان “الوضع الامني مستقر”.
ويفترض ان يستأنف الحوار مساء الاربعاء في صنعاء.
ويبحث الاطراف خصوصا مسودة اتفاق يبقي البرلمان الذي حله الحوثيون في “اعلان دستوري” فرضوه احاديا الجمعة، مع تشكيل مجلس رئاسي، وهو امر نص عليه الاعلان ايضا.
لكن الحوثيين يصرون على ان يكون الحوار تحت سقف “الاعلان الدستوري” الذين فرضوه كتدبير “ثوري”.
وسيطر الحوثيون في 21 ايلول/سبتمبر على صنعاء ووقعوا في اليوم ذاته على اتفاق للسلام وتقاسم السلطة مع باقي الاحزاب، الا ان تنفيذ الاتفاق فشل.
وفي 20 كانون الثاني/يناير سيطروا على دار الرئاسة، ثم ابرموا اتفاقا جديدا مع الرئيس هادي، لكنه فشل مجددا ما دفع بالرئيس الى الاستقالة مع الحكومة.
وفشلت مشاورات سياسية سابقة اجراها المبعوث الاممي جمال بنعمر بين مختلف الاحزاب اليمنية في التوصل الى حل للازمة الناجمة عن استقالة الرئيس وحكومة خالد بحاح.
وكان من المقرر ان يطلع بنعمر مجلس الامن الدولي على جهوده الاربعاء، الا ان ذلك تاجل حتى الغد.
والاربعاء اطلق عناصر من ميليشيا الحوثيين العيارات التحذيرية واستخدموا الهراوات والسكاكين الاربعاء لتفريق تظاهرة في العاصمة اليمنية احتجاجا على استيلائهم على السلطة ما ادى الى اصابة اربعة محتجين بجروح، بحسب منظمي التظاهرة وشهود عيان.
وخرجت احتجاجات مماثلة في مناطق اخرى من العاصمة رغم الاعلان مؤخرا عن حظر اي تظاهرات مناهضة للحوثيين بدون ترخيص.
وتجمع عدد من النساء المواليات للحوثيين بثيابهن السوداء وهن يلوحن بالاعلام اليمنية في تظاهرة منفصلة في شارع الستين بالقرب من مقر رئاسة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي.
وانتشر رجال الميليشيا المسلحون باعداد كبيرة في انحاء العاصمة وفتشوا العربات لحماية المشاركين في التظاهرات المؤيدة لهم.