تحمل النقابة الوطنية للصحافة المغربية الحكومة المغربية مسؤولية ما يجري من تردي للأوضاع الحقوقية لصحفيي وكالة المغرب العربي للأنباء، وتطالب بمعالجة فورية وتعلن استعدادها لمواجهة كل الخروقات.
وتشهد وكالة المغرب العربي للأنباء “ماب” توترا بين الإدارة ونسبة كبيرة من العاملين في ملفات متعددة منها ما هو اجتماع ومنها ما هو إعلامي، ولم يتم التوصل الى اتفاق حتى الآن بل تسير الأوضاع نحو التصعيد في المواقف.
وترى النقابة أن الإدارة الحالية للوكالة مجرد واجهة بينما المسؤولية الحقيقة تتحمل الحكومة نظرا لرئاسة رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران للمجلس الإداري.
نص بيان النقابة:
“إن المجلس الوطني الفدرالي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية المنعقد بمدينة الرباط طيلة يوم السبت 10 يناير 2014 إذ يثمن مضمون البيان الصادر عن المكتب التنفيذي في شأن العملية الإرهابية التي استهدفت صحيفة ” شارلي إيبدو ” فإنه يجدد التأكيد على رفضه المطلق لجميع مظاهر وأشكال العنف التي أضحى اعتمادها وسيلة لتدبير الإختلاف والتعدد و لفرض القراءات الأحادية و إجبار الناس على الخضوع لقرارات معينة ، و إنه إذ يشجب العملية الإرهابية ضد “شارلي إيبدو ” و يندد بمقترفيها ، فإنه ينبه إلى خطورة استغلال بعض الجهات لهذا الاعتداء الآثم للسعي نحو توفير شروط تنامي مظاهر الحقد و الكراهية ضد الإسلام و المسلمين في العالم.
و المجلس الوطني الذي استعرض باستفاضة كبيرة و مسؤولة في إطار عروض و مناقشة عامة الأوضاع في جميع القطاعات فإنه قرر بإجماع أعضائه أن تسمى دورته العادية الثانية بدورة الأوضاع في وكالة المغرب العربي للأنباء، وفي هذا الصدد فإن المجلس الوطني يثمن عاليا جميع مضامين البلاغات والبيانات الصادرة عن أجهزة النقابة من مكتب تنفيذي وتنسيقية وكالة المغرب العربي للأنباء، و يشد بحرارة على أيادي جميع الزملاء الصحافيين والصحافيات العاملين في وكالة المغرب العربي للأنباء الذين يتعرضون لإحدى أبشع مظاهر الاستهداف، فإنه يعلن ما يلي:
– إن الأساليب الخطيرة التي التجأت إليها إدارة هذه المؤسسة في مواجهة نضال النقابة والنقابيين لم تكن مفاجئة لأنها تكشف العقلية التي تدبر بها هذه المؤسسة بواسطة مسؤولين ارتاعوا من الماضي البائد، و هم يستخدمون قفازات كاشفة في تصريف مواقف عدائية، و لذلك فإن المجلس الوطني للنقابة يؤكد أن المعركة الحقيقية داخل هذه المؤسسة ليست مع من يحملون القفازات ، و ليست مع موظفين خاضعين في الاستمرار في مناصبهم لرغبة جامحة لمسؤليهم بقدر ما هي مع الجهة المقررة في هذا الشأن ، و المجلس لا يملك إلا أن يعبر عن شفقتة للعبد المأمور الذي يقتصر دوره على التنفيذ.
– إن الحديث عن الأوضاع في وكالة المغرب العربي للأنباء لا يمكن أن يختزل في أشخاص لا يملكون سلطة القرار في هذه المؤسسة ، و لذلك فإن المجلس الوطني للنقابة يعتبر ما يحدث يدخل في مسؤولية رئيس المجلس الإداري لهذه المؤسسة الذي هو رئيس الحكومة الذي يرجح أن يكون رافضا لجميع مظاهر الاستفراد بالقرار و فرض مظاهر الهيمنة و التضييق و الترهيب ، و هي مسؤولية السيد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة كسلطة وصاية و الذي يسجل المجلس الوطني نجاحه لحد الآن في الحفاظ على آلية الحوار المثمر مع النقابة ، و لذلك يرفض المجلس الوطني أن يبدو السيد الوزير عاجزا عن وضع حد لما يجري داخل هذه المؤسسة ويسمح بالترويج من طرف البعض لمباركة هذا المسؤول الحكومي للفساد المستشري داخل هذه المؤسسة.
– إن المجلس الوطني للنقابة يعلن تعبئته الكاملة و المطلقة لمواجهة التطورات المحتملة في هذا الشأن و يدعو جميع الزملاء و الزميلات في وكالة المغرب العربي للأنباء و في جميع المؤسسات الإعلامية للاستعداد و يخول في هذا الصدد للمكتب التنفيذي اتخاذ القرارات التي تتطلبها و تستوجبها المرحلة المقبلة بالتنسيق مع تنسيقية الوكالة.
و بالنسبة للأوضاع في قطاع الصحافة المكتوبة فإن المجلس الوطني يسجل باستياء كبير استمرار مظاهر التدهور و التردي ، من هزالة في الأجور و امتناع كثير من المؤسسات الصحافية حتى على تسديد واجبات الانخراط في مؤسسات التغطية الاجتماعية رغم أنها تقتطع من أجور الصحافيين مما يمثل سرقة موصوفة و حقيقية ، و من طرد تعسفي و تسريح جماعي مما قل نظيره حتى في مؤسسات غير مهيكلة و تحايل على القوانين المنظمة لمهنة الصحافة ولعلاقات الشغل بغاية جرجرة الصحافيين لسنوات أمام المحاكم و من الافتقاد إلى أبسط وسائل العمل في كثير من المؤسسات ، و سيادة كل هذه المظاهر يؤشر على الظروف القاسية التي يشتغل فيها الصحافيون و يطرح أمامهم مخاوف حقيقية حول المستقبل ، و تبعا لذلك فإن المجلس الوطني:
– إذ يسجل نجاح النقابة في إقناع الحكومة بمطلب طالما ناضلت من أجله يقضي بتخصيص بنذ في المرسوم المتعلق بدعم الصحافة يضمن تحسين الوضع المادي للصحافيين و مراجعة الحد الأدنى للأجر و إنه إذ يثمن قرار الحكومة مراجعة الحد الأدنى للأجر في الاتفاقية الجماعية و بداية تفعيل هذا القرار من خلال تعديل المرسوم الوزاري المتعلق بالدعم ، فإنه من جهة يعتبر أن تفاصيل كثيرة مرتبطة بهذا القرار لا تزال في حاجة إلى توضيح كما يلح في التأكيد على أن الحد الأدنى المقترح يجب أن يكون في الراتب الأساسي و ليس في الراتب الصافي ،و من جهة ثانية فإن قرار مراجعة الحد الأدنى للأجر لا يمكن أن يكون بديلا عن المراجعة الفورية للاتفاقية الجماعية برمتها ، خصوصا و أن مقتضيات هذه الاتفاقية تنص على مراجعتها كل ثلاث سنوات ، و ها قد مرت تسع سنوات عليها دون أن تحظى بأية مراجعة ، و يلح المجلس الوطني على أن تمثل هذه المراجعة فرصة حقيقية لإنصاف الصحافيين و الصحافيات و إعطاء الاعتبار لهذه الفئة ، و المجلس الوطني يؤكد بهذه المناسبة أن التطلع إلى توفير منتوج إعلامي يتميز بالجودة يستوجب توفير التربة المناسبة لاستنبات هذه الجودة المنشودة
– إن المجلس الوطني يثير الانتباه إلى أوضاع الصحافية المغربية داخل المؤسسات الإعلامية الوطنية ، حيث تواجه مظاهر أكثر قساوة تتمثل في التمييز و الاحتقار و التضييق ، و المجلس الوطني يدعو بإلحاح إلى رفع جميع أشكال الحيف ضد الصحافية المغربية.
– بالنسبة لمشاريع قوانين الصحافة المعروضة للمشاورات فإن المجلس يسجل المقاربة التشاركية المعتمدة في إعداد هذه المشاريع بما ضمن منسوبا عاليا من التوافق و بما وفر مشاريع شبه متفق عليها ، و المجلس إذ يوافق على إرسال آخر مذكرة و هي الخامسة من نوعها للحكومة و المتضمنة لآخر التعديلات فإنه يأمل أن تؤخذ هذه التعديلات بعين الاعتبار.
فيما يتعلق بالأوضاع في الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة فإن المجلس الوطني أخذ علما بالتوتر الذي تعرفه مديرية الأخبار بسبب تعنت مدير الأخبار و نهجه أسلوبا غير لائق في التعامل مع المطالب المهنية للصحافيين و كلف المكتب التنفيذي بمتابعة هذه الحالة ، و من جهة أخرى فإن المجلس الوطني و رغم التضمينات التي قدمها المسؤولون في النقابة يعلن تذمره الكامل و المطلق من سير المفاوضات مع المسؤولين في هذه الشركة التي استغرقت زمنا طويلا دون أن تنجح هذه المفاوضات في تنفيذ و لو مقتضى واحد من مقتضيات الاتفاق الذي تم التوقيع عليه خلال شهر ماي الماضي ، و المجلس يعتبر هذا البطء متعمدا و الهدف منه ربح الوقت و استنزاف الجهد و الإضرار بمصداقية النقابة التي بادرت في التعبير عن ثقتها في هذا المسلسل و تعاملت معه بمسؤولية ، والمجلس الوطني يعلن عن جاهزية قرار الانسحاب من هذه المفاوضات و العودة إلى الأساليب النقابية و النضالية للدفاع عن حقوق العاملين فإنه يخول لتنسيقية القطاع بالتنسيق مع المكتب التنفيذي صلاحية اختيار الموعد المناسب لإعلان هذا القرار.
إن المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية إذ يذكر بالأوضاع المهنية الخطيرة التي يشتغل في إطارها الصحافيون و الصحافيات في قنوات و إذاعات القطب العمومي من الافتقاد إلى أبسط شروط العمل حيث يضطر الزملاء إلى التناوب على الكراسي و الحواسيب ، و يضطر كثير منهم إلى العمل طيلة أيام الأسبوع بالنظر إلى قلة الموارد البشرية ، و من حيف خطير في الأجور بالنسبة لعدد آخر منهم بيد أن بعض المحظوظين يستفيدون من سخاء مالي كبير جدا ، ناهيك عن الملفات الكبرى العالقة والتي تحاشت المفاوضات تسويتها رغم التنصيص على ذلك في الاتفاق الموقع، و في ضوء ذلك فإن المجلس الوطني يؤكد أن الوضع داخل هذا المؤسسة لم يعد مطاقا و لم يعد يحتمل أي تأجيل و يطرح مسؤوليات جسام على عاتق الحكومة و على المسؤولين على هذه الشركة.
و بالنسبة للأوضاع في القناة الثانية فإن المجلس الوطني يسجل بدهشة و استغراب ما أقدمت عليه هذه المؤسسة من خلال تشغيل صحافيين في إنتاج مواد إعلامية ولكن دون أن تكون لهم أية علاقة قانونية بالمؤسسة بل يتم التعامل معهم بواسطة شركة النظافة المتعاقدة مع الإدارة و هم يتقاضون أجورا هزيلة من هذه الشركة و يفرض عليهم أن يوقعوا كل ستة أشهر استقالتهم من العمل تحايلا من شركة النظافة على عدم إضفاء الصفة القانونية على علاقتها بهم، والمثير أن العقد المبرم مع شركات المناولة لا يخرج عن إطار البستنة و الصيانة و النظافة و الأمن، و لم يعلم أحد يوما أن التحرير الصحافي أضحى من اختصاصات شركات المناولة هذه ، و تبعا لذلك فإن المجلس الوطني للنقابة يندد بشدة بما أقدمت عليه إدارة القناة الثانية و طالب من الجهات المختصة بفتح تحقيق فوري في هذا العمل الحاط من كرامة مهنة الإعلام و الذي يمثل شكلا من أشكال التزوير و النصب و الاحتيال .
و بالنسبة للإعلام الجهوي فإن المجلس الوطني ينبه إلى حالة الاحتضار التي يوجد عليها ، فأمام انعدام الدعم وضيق سوق القراءة وطنيا وجهويا و أمام إبعاد الصحف الجهوية من الإشهار و الإعلان ، و أمام التضييقات الخطيرة لكثير من المسؤولين الرسميين و المنتخبين المحليين و الجهويين الذي لا يطيقون وجود إعلام قرب يتابع الشؤون المحلية والجهوية و أمام غياب أية مبادرة حكومية للإسعاف و الإنقاذ فإن هذا الإعلام الذي يمثل أحد الركائز الأساسية للجهوية الموسعة المرتقبة، أضحى مهددا في وجوده.
إن المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية إذ يعتز بتنامي أدوار الإعلام الإلكتروني في بلادنا و يسجل بافتخار تمكن و نجاح بعض المواقع الإلكترونية إلى الانتقال في ظرف وجيز إلى مستوى المؤسسات المنظمة ، فإنه يثير مظاهر القلق التي تنامت بدورها في النمو بسبب أشكال الفوضى التي أضحت تميز أداء كثير من هذه المواقع ، والمجلس الوطني للنقابة إذ يؤكد على قدسية الحرية في هذا الشأن و يلح في توفير الشروط اللازمة أمام الجميع لممارسة هذه الحرية، إلا أنه يؤكد على حق المجتمع في إعلام قرب مهني ونزيه ، و يدعو المجلس الوطني في هذا الصدد الجهات المعنية من حكومة و فاعلين مهنيين إلى المساهمة في توفير شروط مناسبة و لائقة و قادرة على تطوير هذا النوع الإعلامي الذي أضحى ملازما لحياة الفرد و المجتمع على حد سواء . و يوصي المجلس الوطني المكتب التنفيذي بضرورة تنظيم ندوة علمية كبرى تتدارس واقع و آفاق هذا الإعلام.
و إن المجلس الوطني إذ يعبر عن ارتياحه للتطور الكمي الحاصل في الإعلام الإذاعي الذي يؤكده ارتفاع عدد الإذاعات الخاصة وتعدد مشاربها و تنوع خدماتها ، فإنه ينبه في المقابل إلى التحديات التي يطرحها هذا التطور خصوصا ما يتعلق بأوضاع الصحافيين العاملين الذين يتحملون كل العبء في النهوض بهذا الإعلام الناشىء ويطالب بالانتباه لهذه الظروف بما يضمن تحسين الأوضاع و تجويد الخدمات.