المرشد العام للثورة الإيرانية أحمد خامنائي يتوفر على حساب في الفايسبوك وتويتر وهو رجل دين، وفي الطرف الآخر يمتلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما زعيم دولة عالم الاتصالات حسابا في شبكات التواصل شأن شأن معظم قادة العالم من ملوك ورؤساء الدول والحكومات. لكن هذا التواصل يغيب كليا في حالة الملك محمد السادس ويصل الى طلاق مع الصحافة كما حدث في زيارته الى البيت الأبيض يوم 22 نوفمبر 2013.
جيل قادة الإنترنت
وينتمي الملك محمد السادس الى جيل قادة القرن الواحد والعشرين، وهذا يجعله ضمن خانة “قادة عهد الإنترنت”، وهو تعبير يستعمله بعض المختصين في العلوم السياسية للحديث عن الذين وصلوا الى السلطة مع أواخر عقد التسعينات من القرن الماضي وبداية العقد الأول من القرن الحالي، وهي الفترة التي تتزامن و”انتشار الإنترنت”.
ويؤكد الباحثون أن القادة الجدد “جيل قادة الإنترنت” يتميزون بالتواصل إعلاميا وعبر البرامج التي توفرها شبكة الإنترنت، وبهذا تجد لمعظم رؤساء العالم سواء الديمقراطي أو الديكتاتوري مواقع في الفايسبوك يتواصلون بها مع باقي شعوبهم والرأي العام الدولي. وتجد باراك أوباما له موقع في تويتر ومرشد الثورة الإيرانية خامنائي له موقع في الفايسبوك ورئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي له حساب في الفايسبوك. ويراهن ملك الأردن عبد الله الثاني على شبكات التواصل كثيرا. ويتواجد بابا الفاتيكان في جميع الشبكات. ومن لا يمتلك حسابا فله موقعا في شبكة الإنترنت كما هو الشأن مع ملك اسبانيا خوان كارلوس.
ضعف الملك محمد السادس في التواصل
ويغيب الملك عن عالم الإنترنت رغم أنه عالم المستقبل وأنه من ضمن ركائز الأساسية للسياسة في الوقت الراهن لأنه يعني التواصل. وغياب الملك هذا يمتد الى مستويات أخرى من التواصل، فالقصر الملكي لا يتوفر على موقع في شبكة الإنترنت، حيث لا يمكن العثور على الأجندة الملكية ولا يمكن العثور على صور ذات جودة في وقت يزداد الرهان على الصور في عالم الصحافة الرقمية.
وعلى مستوى آخر من التواصل، يرفض الملك استقبال الصحفيين، وحتى عندما أجرى حوارات مع جريدة الشرق الأوسط ثم لوفيغارو الفرنسية ولاحقا الباييس الإسبانية، فقد سلم الصحفيون الأسئلة وتلقوا الأجوبة ثم استقبلهم الملك لمدة قصيرة للدردشة.
ويبقى من الصعب بل من المستحيل رؤية الملك محمد السادس في ندوة صحفية على شاكلة أبيه يرد على الصحفيين ويتجادل معهم. ويجمع الكثيرون أن الملك لن يمثل نهائيا أمام الصحافة طيلة فترة حكمه. ومنطقيا، فبعد أكثر من 14 سنة من الحكم ولم يعط ولو ندوة صحفية، لا يمكن انتظار ندوة مستقبلا.
ومن أكبر مفارقات الملك محمد السادس مع الاعلام والتواصل هو تهميشه للصحافة خلال زيارته الى البيت الأبيض يوم 22 نوفمبر، علما أن قادة العالم يرافقون معهم جيشا من الصحفيين، وعادة ما تكون التصريحات التي يدلون بها في البيت الأبيض ذات حضور وتأثير أبلغ في وسائل الاعلام الأمريكية. وعدم اهتمام كبريات وسائل الاعلام الأمريكية بزيارة راجع الى غياب تصريحات من الملك في البيت الأبيض. ولنتخيل لو أن الملك عقد ندوة صحفية في البيت الأبيض واستعرض موقف المغرب من الصحراء ودافع عن الحكم الذاتي ومزاياه، لتصدر واجهات الصحف الأمريكية وكان سيكون للزيارة وقع أكبر، لكن هذا لم يحدث.
ناطق ملكي من الأزمنة الغابرة
وعمليا، كان على المؤسسة الملكية تعويض العجز الحاصل في تواصل الملك مع الإعلام بناطق رسمي قوي، لكن المؤسسة المملكية اختارت ناطقا رسميا بمقاييس الأزمنة الغابرة على شاكلة تقاليد “البراح” وليس الوقت الراهن، يتعلق الأمر بعبد الحق المريني الذي لم يسبق أن مثل في ندوة صحفية للرد على أسئلة الصحافيين. وشغل المريني المنصب الذي بقي شاغرا لسنوات بعدما كان قد تم الاستغناء عن حسن أوريد الذي أراد العمل على انفتاح المؤسسة الملكية على وسائل الاعلام لكن أطراف مخزنية رفضت المشروع.
وهذه مفارقة أخرى، فرغم دستور 2011، تستمر الملكية في التوفر على صلاحيات تفوق بكثير الحكومة، وتتخذ قرارات استراتيجية لمستقبل البلاد، وهذا يتطلب تواصلا قويا ومستمرا.
ويبقى التساؤل معلقا حول علاقة الملك بالتواصل والاعلام هل هي نفور أم عجز!