افتتاحية: نعم، بصمتها المريب الدولة المغربية تشجع على الفساد

يعتبر الفساد في المغرب المرض الذي يتجاوز الإرهاب وباقي الآفات الاجتماعية بل هو من أسبابها ومسبباتها الرئيسية. ولكن المثير في الأمر هو موقف السلطات الانتقائي التي تصمت على ملفات معينة وتحقق في ملفات أخرى، وهو ما يعني تشجيعها على الفساد ويجعل المؤتمنين على ممتلكات الأمة المغربية متورطين في الإجرام.

خلال الأيام الأخيرة، صدر تقرير عن القضاء الأمريكي يتحدث عن تورط شركة المانية متخصصة في الصناعة الطبية وهي فريزنيوس في دفع رشاوي وعمولات لمسؤولين في عدد من الدول، ومن تلك التي ركزت عليها المغرب. واعترفت الشركة الألمانية بالتقرير الأمريكي وقبلت تأدية غرامات مالية تفاديا للأسوأ ومنها احتمال محاكمة مسيريها ومنع السوق الأمريكية عنها.

وقررت عدد من الدول علاوة على المانيا فتح تحقيق في الاتهامات الواردة في تقرير القضاء الأمريكي، لكن المغرب فضل الصمت، حيث لم يرد على التقرير الأمريكي كما لم تعلن النيابة العامة فتح أي تحقيق في هذه الاتهامات.

ولم يعد مفاجئا موقف الدولة المغربية وخاصة الهيئة القضائية المخول لها فتح التحقيق، إذ التزمت الصمت منذ أسابيع في ملف السفير المغربي الملحق ببعثة الأمم المتحدة الذي أشار إليه القضاء المغربي بالتورط في الاتجار بالبشر عبر القنصلية المغربية في نيويورك، بل من ممارسات العار هو البحث عن مبررات واهية للتغطية على هذه الفضيحة.  كما التزم الصمت في ملفات فضائحية دولية مثل وثائق بنما والحسابات السرية في سويسرا.

نعم، هذه الدولة التي تبادر بسرعة النظرية النسبية لإنشتاين الرد على التقارير الدولية حول حقوق الإنسان تلتزم الصمت بطريقة مدهشة في ملف الاختلاسات والفساد وبعضها في قطاعات حساسة مثل التعليم والصحة.كم هي مدهشة تصرفات الدولة: شباب طالبوا بالصحة وتعرضوا تحت مبررات لعشرين سنة جسنا، وتقرير أمريكي يرصد سرقة موصوفة لمسؤول أو مسؤولين مغاربة، والقضاء يصمت.

بتصرفها هذا، أي تفادي فتح تحقيق في ملفات فساد دولية وليس فقط وطنية، إن الدولة المغربية لا تصمت فقط على الفساد بل صمتها هو تشجع على استمرار الفساد. ونتساءل: لماذا صمتت في ملف السفير وتصمت مجددا الآن في ملف الشركة الألمانية؟ إنه غياب الضمير الوطني الحقيقي وليس وطنية البروباغاندا الرخيصة التي يتم توظيفها للتهجم على الناس. وهذا ليس بجديد أو غريب عن دولة قام مسؤولون فيها بتوظيف القضاء لنهب ممتلكات الأمة المغربية وممتلكات الشعب مثل حالة “أراضي خدام الدولة” الذين لا يتمتعون بأي شرف بل ارتقوا الى مصاف اللصوص.

لكي تبرهن الدولة المغربية على عدم تسجيعها أو على الأقل تساهلها مع الفساد عليها تقديم توضيحات للرأي العام لماذا لم تفتح أي تحقيق في حادثة السفير المغربي في الأمم المتحدة وفي حادثة الشركة الألمانية المتعلقة بقطاع الصحة.

Sign In

Reset Your Password