انضم رئيس الأركان العسكرية السابق في اسبانيا، الجنرال خوسي خوليو رودريغيث، الى حزب «بوديموس»، اليساري الذي يطالب بنهاية الملكية وإقامة الجمهورية وإعادة النظر في العلاقة مع منظمة شمال الحلف الأطلسي. وهو القرار الذي يخلف جدلا سياسيا في هذا البلد الأوروبي، ويكشف عدم تجانس المؤسسة العسكرية في أفكارها.
وجاء الاعلان عن الانضمام في بداية الأسبوع الجاري. وسيترشح هذا الجنرال عن حزب بوديموس للانتخابات البرلمانية في مدينة سرقسطة شمال شرق العاصمة مدريد. وشكل الاعلان قنبلة إعلامية في اسبانيا بحكم المهام التي شغلها خوسي خوليو رودريغيث ومنها قائد الأركان العسكرية في اسبانيا ما بين 2008 الى 2011 إبان الحكومة الثانية لخوسي لويس رودريغيث سبتيرو.
وقامت الحكومة الإسبانية أمس الجمعة بتسريح الجنرال من الجيش بصفته ضابطا في الاحتياط، وبررت ذلك بانحيازه السياسي في وقت يتوجب على الضباط عدم الانضمام الى الأحزاب حتى مغادرة الجيش بصفة نهائية بما في ذلك مغادرة الاحتياط.
ويبقى خبر انضمام رئيس الأركان السابق الى حزب يساري راديكالي مثيرا من الناحية السياسية، ولكنه في الوقت ذاته، يكشف عن الكثير من المعطيات حول المؤسسة العسكرية في اسبانيا.
ويطرح حزب بوديموس نهاية المؤسسة الملكية والانتقال الى الجمهورية. ونظريا، يعلن الجيش ولاءه للملك الذي يعتبر القائد الأعلى. لكن هناك ضباطا يؤمنون بالجمهورية، والبعض منهم دافع عن هذا الاختيار السياسي بعد مغادرة الجيش. ويرأس هذا الجنرال «الاتحاد الديمقراطي العسكري»، وهو تنظيم كان سريا في البدء، ظهر في أواخر سنوات الجنرال فرانسيسكو فرانكو للمطالبة بالديمقراطية، وتحول الى منتدى علني خلال السنوات الأخيرة تحت اسم «المليشيا والديمقراطية» ويضم عسكريين غادورا الجندية وأعضاء من المجتمع المدني يطورون العلاقة بين المجتمع المدني والجيش ويعملون من أجل دستوري جديد، وأغلبهم ينادي بالجمهورية.
وحول وحدة الأراضي التي تعتبر القضية المقدسة لدى الجيوش، يتفهم حزب بوديموس مطالب كتالونيا، التي تطالب بتقرير المصير وقطعت أشواطا هامة نحو الانفصال. فقد رفض حزب بوديموس هذه الأيام الانضمام الى تكتل حزبي مكون من الحزب الشعبي الحاكم وأحزاب المعارضة الاشتراكي وسيودادانوس وحزب التجمع والتقدم والديمقراطية لمنع مساعي الأحزاب القومية الكتالانية بالاستقلال عن اسبانيا. ويطالب الحزب بتقرير مصير كتالونيا في مسلسل متفق عليه. وقال وزير الخارجية مانويل غراسيا مارغايو يومه السبت “لقد أقلنا الجنرال بسبب تصريحاته وانضمامه الى حزب يؤمن باستفتاء أحادي في كتالونيا”.
وفي ملف آخر ذي ارتباط دولي، يتبنى حزب بوديموس بعض الغموض في ملف سبتة ومليلية، إذ لا يعتبرهما اسبانيتين ويتفهم مطالب المغرب. وكان قد نتج جدل سياسي عن موقفه من المدينتين. كما يطالب الحزب بإعادة النظر في علاقة اسبانيا بالحلف الأطلسي والولايات المتحدة.
وعليه، يبقى انضمام ضابط من هذا المستوى الى حزب يساري راديكالي حدثا بكل المقاييس، خاصة في دولة محافظة لم يعتد أصحاب البزة العسكرية الانضمام الى السياسة مباشرة عكس ما يجري في الولايات المتحدة الأمريكية. ويكشف عن تنوع المواقف السياسية في مؤسسة عسكرية يعتقد الكثيرون أنها محافظة.
وفي رده على سؤال لجريدة الباييس في عدد السبت من الأسبوع الجاري هل هو ضد المؤسسات بانضامه الى حزب يساري يطالب بإعادة النظر في كل مؤسسات البلاد، قال الجنرال “إذا كان الانضمام الى حزب يندد بالفساد وهو ضد الاقتطاعات في مجال التربية والصحة، فأنا ضد المؤسسات”.
عزيزي (ة) القارئ (ة): ساهم في نشر ألف بوست في شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك