يشهد مضيق جبل طارق هذه الأيام أكبر موجة من قوارب الهجرة لمهاجرين غير نظاميين من دول إفريقية، ويعتمد المهاجرون تقنية جديدة وهي الرهان على قوارب صغيرة وهشة للوصول الى البر الإسباني. واعتبرت السلطات الإسبانية أن المغرب لا يتحمل مسؤولية هذه الموجة الجديدة رغم بروز انتقادات في هذا الشأن. وتتحدث منظمة غير حكومية عن غرق خمسة قوارب في المضيق.
وبدأت الموجة الجديدة من قوارب الهجرة في نهاية الأسبوع الماضي ولم تتوقف حتى الآن إذ جرى في الساعات الأخيرة إنقاذ 24 مهاجرا من طرف دوريات مغربية واسبانية.
وتصل قوارب هشة الى المياه الاقليمية الإسبانية وعلى متنها عدد قليل من المهاجرين لا يتعدى العدد في أقصى الحالات عشرة وأحيانا يكون على متن القارب خمسة أو أربعة فقط. وتقوم دوريات الحرس المدني ومصلحة الإنقاذ البحري بإسعافهم وأحيانا حتى دوريات الدرك الملكي المغربي. وتجعل هذه القوارب الهشة المهاجرين عرضة للغرق خاصة أمام التيارات القوية في المضيق.والسبب الرئيسي الذي يدفع المهاجرين لاختيار هذه القوارب الهشة تتجلى في غياب مافيات في شمال المغرب مافيات متخصصة في نقل المهاجرين، كما أن هؤلاء الأفارقة لا يمتلكون المال الكافي لتأدية الأسعار التي كان متعارف عليها من قبل إبان مرحلة الهجرة بشكل مكثف وكانت ما بين خمسة آلاف وعشرة آلاف درهم.
ومن ضمن العوامل الأخرى أن الأجهزة الأمنية المغربية تقوم بتمشيط نواحي تطوان وطنجة شمال المغرب بهدف ترحيل المهاجرين غير النظاميين الى الحدود الجزائرية، حيث يفترض أنهم دخلوا للمغرب من هناك. وهذا الضغط بدأ يدفع المهاجرين الى المغامرة بعبور مضيق جبل طارق نحو المياه الأندلسية. ورحلت السلطات المغربية هذه الأيام الكثير من المهاجرين الأفارقة نحو الحدود الجزائرية.
وفي الوقت ذاته، تؤكد السلطات الإسبانية أن رهان المهاجرين الأفارقة على هذا النوع من القوارب يعود أساسا الى صعوبة رصدها من نظام الرصد الالكتروني لقوارب الهجرة في مضيق جبل طارق.
وتجاوز عدد المهاجرين الذين جرى إسعافهم خلال أيام قليلة وفق وزارة الداخلية الإسبانية اليوم حاجز 320 مهاجر حتى فجر اليوم على أكثر من 40 قاربا للهجرة. وبهذا تعود ظاهرة قوارب الهجرة في مضيق جبل طارق بعدما كانت قد تراجعت بشكل كبير خلال السنتين الأخيرتين، وبينما يجري التركيز على محاولات مهاجرين غير نظاميين اقتحام أسوار مليلية المحتلة انطلاقا من الناضور.
وكالعادة، تخلف الهجرة السرية مآسي وتتجلى في غرق قوارب الهجرة. وأكدت جمعية “كامنانجو فرونتيراس” غير الحكومية أن خمسة قوارب للهجرة على متنها قرابة 30 مهاجرا قج غرقت في عرض البحر هذه الأيام، لأنها كانت تجري اتصالات هاتفية بالمهاجرين وفجأة اختفوا في البحر.
وبدأت بعض وسائل الاعلام الإسبانية بدأت تروج أن الأمر يتعلق بضغط من المغرب على اسبانيا بسبب تطورات ملف غالفان. لكن كاتب الدولة المكلف بالملف الأمني في اسيانا، فرانسيسكو مارتينيث صرح أمس للصحافة أن “هذه الظاهرة لا تعود الى تراجع المغرب عن مراقبة شواطئه تفاديا للهجرة السرية بل بسبب التقنية الجديدة التي ينهجها المهاجرون لعبور المضيق ومنها قوارب هشة لتفادي المراقبة الالكترونية”.
وكان موضوع الهجرة يسبب قلقا ومواجهة بين المغرب واسبانيا إلا أنه خلال لاثلاث سنوات الأخيرة شهد تعاونا كبيرا في مواجهة هذه الظاهرة.