ابتداء من شهر يناير الجاري، عاد لولا دا سيلفا الى رئاسة البرازيل خلفا للرئيس الشعبوي جاي بولسانارو، ومعه ستستعيد، وفق عدد من الخبراء والمحللين، أمريكا اللاتينية حضورها مجددا في الساحة السياسية الدولية خاصة في مجموعة “البريكس”، الى جانب روسيا والصين، ويعود الاهتمام بأمريكا اللاتينية.
وكان لويس إناسيو لولا دا سيلفا قد تولى رئاسة البرازيل ما بين سنتي 2003 و2011، وهو القادم من عالم النقابة والنضال اليومي، ويعتبر مهندس التطور الذي حققته البلاد في مجال الاقتصاد والصناعة وخاصة التقليل من الفوارق الطبقية. وعندما انسحب من الرئاسة سنة 2011، تعرض للاعتقال بشبهة الفساد، في ملف يفترض أن فيه مخالفات بسيطة، ولم يرحمه القضاء.
وكانت رئاسة دا سيلفا قد عززت من مكانة البرازيل في العالم، وساهم بشكل كبير في تعزيز التنسيق السياسي بين دول أمريكا اللاتينية لاسيما وأن اليسار وقتها كان يحكم في عدد من الدول. ويعود مرة أخرى لرئاسة البلاد في ظل ارتفاع أسهم اليسار الذي يحكم في دول جديدة ومنها بالخصوص المكسيك مع الرئيس لوبيث أوبرادور.
وكان لولا قد صرح في خطابه بعد توليه الرئاسة بداية يناير الجاري “البرازيل تعود الى العالم بعدما تحولت الى دولة منبوذة نتيجة السياسة الخارجية التي طبقها الرئيس بولسونارو”، وذلك بسبب سياسته اليمينية المتطرفة.
وكتبت جريدة “لاناسيون” الأرجنتينية شأنه شأ، العديد من الجرائد في أمريكا اللاتينية بعد فوز لولا في الانتخابات في الجولة الثانية بأن أمريكا اللاتينية على موعد جديد مع الاندماج الذي كانت البرازيل تقوده دائما وتعثر مع بولسونارو. وكان هذا الأخير قد انسحب من “تجمع أمم أمريكا الجنوبية” المعروف ب “أوناسور”، وكذلك من “تجمع دول أمريكا اللاتينية والكاريبي” المعروف ب “سيلاك”، متدرعا بسيطرة اليسار على هذه التكتلات الإقليمية.
وكان لولا قد شدد على ضرورة الرفع من مستوى التنسيق بين دول أمريكا اللاتينية، ويجد كل المساعدة من معظم الدول خاصة بعد وصول اليسار الى ثلاثة منها كانت دائما يمينية وهي، التشيلي ثم كولومبيا وأساسا المكسيك التي تتبنى سياسة تميل الى جنوب القارة مع اليسار أوبرادور. واختار لولا دا سيلفا أول محطة خارجية له وهي حضور قمة “سيلاك” في العاصمة الأرجنتينية يوم 24 من الشهر الجاري كعنوان لالتزامه بالاندماج الإقليمي. سيراهن دولا دا سيلفا على إحياء التنسيق السياسي بين أمريكا اللاتينية وتجمعات قارية ومنها الاتحاد الإفريقي.
وكعاته، سيعتني بالعلاقات مع الولايات المتحدة، لكنه سيركز على تطوير العلاقات مجددا مع دول “البريكس” المكونة من البرازيل وروسيا والصين وجنوب إفريقيا والهند، حيث كان الرئيس السابق بولسونارو قد عرقل عدد من مبادرات هذا التجمع. ويعلن لولا دا سيلفا الرهان مجددا على عالم متعدد الأقطاب ومن ركائزه البريكس. وتبقى هذه العودة في صالح عواصم مثل بكين وموسكو على حساب واشنطن.
كما تعد إسرائيل من الخاسرين من عودة لولا دا سيلفا، إذ سيعيد الرئيس الجديد الاعتبار الى القضية الفلسطينية في أجندة بلاده وكذلك إقليميا، فقد كان وراء الاعتراف بالدولة الفلسطينية سنة 2010، ولا يخفي تعاطفه نهائيا مع حق الفلسطينيين. وكان سلفه بولسونارو قد رغب في نقل السفارة البرازيلية الى القدس.