مطالبات بتحقيق في المغرب إثر خروقات “مباراة الأهلية لمهنة المحاماة”.. ونادي القضاة يتحفظ على النتائج

غياب الشفافية

 

يعيش المغرب على إيقاع فضيحة في مهنة المحاماة لا سابقة لها، وتتجلى في الشبهات حول اجتياح مباراة الأهلية لممارسة هذه المهنة، وبدأت جمعيات المجتمع المدني وأخرى مهنية وسياسية تطالب بفتح تحقيق في هذا الشأن بل المناداة باستقالة الوزير المكلف بالقطاع عبد اللطيف وهبي.

وكانت وزارة العدل قد تولت منذ أسابيع تنظيم مباراة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة عكس السنوات الماضية عندما كانت جمعية المحامين هي المكلفة، وكشفت عن النتائج منذ أيام قليلة. ورافق المباراة شبهات كبيرة لا سابقة لها، إذ أسفرت عن نجاح نسبة كبيرة من أبناء المسؤولين سواء في مجال وزارة العدل أو وزارات أخرى ثم أبناء سياسيين معروفين بل ونجاح أسماء لم تشارك في المباراة وفق الصحافة، والتي أكدت نجاح عضو كان ضمن الهيئة المشرفة على الامتحان.

والمفارقة أن نظام الامتحان جرى وفق منهجية تقنية محضة تعرف بالنظام الكندي، أي اختيار الجواب على السؤال من مجموعة من الأجوبة. وهذا النظام يتنافى ونوعية المهنة بحكم أن المحاماة، هذه الأخيرة التي تتطلب  صياغة نصوص بما يرافقها من تفسير وتأويل بهدف إقناع هيئة المحكمة في الملفات التي يتم فيها البث، لاسيما وأن التهم ورغم أنها تخضع لقوانين نفسها يبقى الحكم من اختصاص السلطة التقديرية للقاضي، وهنا تظهر مدى  مهارة المحامي في الترافع.

في البدء، استعمل الوزير سياسة صارمة في مواجهة الانتقادات بالدفاع عن شفافية الامتحان، ثم الدفاع عن نجاح ابنه بالقول بأنه حصل على إجازته من كندا، وأن الأب (أي الوزير) يمتلك المال لهذا أرسل ابنه للدراسة في الخارج، وهو التصريح الذي رفع من حدة الاحتقان. وتفاقم الاحتقان الشعبي من خلال إصدار رئيس جمعية المحامين يوم السبت من الأسبوع الجاري  بيانا يشجب فيه ما يعتبره التهجم على الناجحين في امتحان الأهلية، وتبين أن أفراد عائلة رئيس جمعية المحامين بدورهم من الناجحين في المباراة. ومباشرة بعد هذا البيان، انتقد عدد من المحامين مضمونه، ونشروا في حسابتهم في الفيسبوك أن “البيان لا يمثلهم” ومنهم المحامية نعيمة الكلاف من هيئة الرباط، ثم النقيب السابق لهيئة المحامين في تطوان شمال المغرب كمال المهدي  الذي كتب “بصفتي نقيبا سابقا لهيئة المحامين بتطوان وعضو مجلسها الحالي ،يؤسفني أن أعلن على الملأ ،بأن بلاغ مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، لا يعكس موقفي، الذي عبرت عنه في إجتماع لمجلس هذه الأخيرة المنعقد ببوسكورة في ضيافة هيئة المحامين بالدار البيضاء”.

وتبنت نقابة المحامين موقفا مختلفا عن جمعية المحامين، إذ أصدرت بيانا ناريا يندد بالخروقات التي رافقت الامتحانات، وتؤكد وجود أدلة على الغش، كما حملت وزير العدل المسؤولية الأخلاقية والمعنوية الكاملة عما اعتبرته تجاوزات خطيرة لأنه الجهة المنوط بها تنظيم الامتحان. وفي النقطة الثالثة من البيان طالبت بإعادة الامتحان وفق أسئلة كلاسيكية تتطلب التحليل وليس النظام الكندي مع ضمان تكافؤ الفرص والنزاهة والشفافية. وطالبت النيابة العامة بفتح تحقيق في الخروقات علاوة على التضامن مع ضحايا هذه الامتحانات ممن اعتبرتهم أبناء الشعب.

ومن جهته، انضم نادي قضاة المغرب الى المشككين في نزاهة المباراة، وأعرب عن كبير قلقه وانشغاله بخصوص ما يروج حول الطريقة التي جرى بها امتحان مهنة المحاماة، وما قد يترتب عنه من مساس بالثقة في امتحان الولوج إلى مكون أساسي من مكونات العدالة. وقال النادي في بيان له أصدره السبت، إنه “يعبر عن قلقه من منطلق دعمه لحق المتقاضين في الدفاع، وتوفير الشروط الملائمة لممارسة هذا الحق، لما له من دور جوهري في الرفع من النجاعة القضائية، وحسن تطبيق قواعد سير العدال”.

وبدأ بعض المتبارين الذين لم ينجحوا ويعتقدون أنهم تعرضوا للظلم يلجأون الى القضاء الإداري للاطلاع على أوراق الامتحان، وقد رخصت المحكمة الإدارية في الرباط لمترشحة في ملف 47/102/23 الحق في إجراء تقييم للأجوبة.

ويعد هذا الملف من الملفات التي تؤثر كثيرا على صورة الحكومة أمام الرأي العام، ولهذا، أخذ عدد من الوزراء مسافة من هذه الفضيحة. وكان الناطق باسم الوزارة قد تجنب الرد على هذه الفضيحة، وقال أن وزير العدل سيقدم توضيحا. وكان التوضيح مرتقبا مساء الجمعة من الأسبوع الجاري، ولم يحصل.

Sign In

Reset Your Password