أعلنت كولومبيا رغبتها في اقتناء مقاتلات رافال الفرنسية على حساب المقاتلات الأمريكية، ويزيد هذا من رهان دول أمريكا اللاتينية على أسلحة من دول ثالثة ومنها روسيا والصين، الأمر الذي يشكل منعطفا في منطقة افتقرت دائما لسلاح جوي متقدم.
وأعلنت الحكومة الكولومبية الأربعاء من الأسبوع الجاري اختيارها اقتناء 16 من مقاتلات رافال الفرنسية على حساب مقاتلات من دول أخرى مثل روسيا والسويد وأساسا الولايات المتحدة. وبهذا، يرغب هذا البلد في تعزيز سلاحه الجوي المكون من مقاتلات قديمة على رأسها كافير الإسرائيلية التي لم تعد إسرائيل تنتجها لأسباب تقنية وسياسية. وفضلت كولومبيا المقاتلة الفرنسية رغم العرض الأمريكي السخي بمقاتلة إف 16. وإبان الأزمة مع فنزويلا سنة 2019، وجدت كولومبيا نفسها بدون سلاح جوي في مواجهة فنزويلا المزودة بمقاتلات روسية. واضطر البنتاغون إلى نشر مقاتلات متطورة في هذا البلد للدفاع عنه أمام نشوب حرب مع فنزويلا.
وبإعلان كولومبيا اقتناء مقاتلة رافال، تمضي فرنسا في إيجاد أسواق جديدة لمقاتلاتها بعدما كانت تعاني في السابق من تسويقها نتيجة الهيمنة الأمريكية والروسية على سوق سلاح الجو. ووقعت فرنسا اتفاقيات هامة لبيع رافال مع دول مثل اليونان وقطر ومصر والإمارات العربية والهند.
غير أن المنعطف الحقيقي جيوسياسيا يتجلى في كيف أصبحت عدد من دول أمريكا اللاتينية تسعى الى الحصول على المقاتلات الجوية غير الأمريكية. في هذا الصدد، كانت فنزويلا قد كسرت قواعد التسلح مع مجيء اليساري هوغو تشافيس الى الحكم ورهانه على السلاح الصيني والروسي ومن ذلك اقتناء مقاتلات سوخوي 30 لتصبح أكبر قوة جوية في أمريكا اللاتينية. ولم تتأخر البرازيل التي راهنت في البدء على رافال ثم وقع اختيارها على مقاتلة غريبن السويدية التي تنتجها شركة صاب. وتدرس الأرجنتين شراء مقاتلة جي إف -17 الصينية-الباكستانية الصنع لتعويض مقاتلات الميراج القديمة و ف 5 التي بدورها قديمة.
وعمل البنتاغون على ترك منطقة أمريكا اللاتينية بعيدة عن اقتناء الأسلحة المتطورة والاكتفاء بأسلحة برية وبحرية محدودة، وتفتقر بعض الدول الى سلاح جوي فعال مثل حالة المكسيك التي لا تمتلك أي سرب متطور من المقاتلات. ورغم أنها قوة إقليمية، كان سلاح الجو البرازيلي عبارة عن طائرات إف 5 القديمة وبعض طائرات الحراسة البحرية ولكنها أصبحت منذ سنوات تتوفر على 39 مقاتلة من نوع غرينبيس السويدية.
وتجد كل من روسيا والصين فرصة سانحة لبيع مقاتلاتها الجوية في أمريكا اللاتينية وبالتالي تعزيز نفوذها السياسي في المنطقة. وتقدم الصين إغراءات مالية وعسكرية كبيرة لكي تقتني دول المنطقة المقاتلة جي إف-17، لاسيما وأن سعرها يبقى دون سعر المقاتلات الأمريكية والفرنسية بكثير. ولا تفرض الصين وروسيا قيودا على صفقات الأسلحة عكس الولايات المتحدة التي تبيع نسخا غير متقدمة من المقاتلات. في الوقت ذاته، عانت دولة مثل الأرجنتين في الحصول على أسلحة متطورة وخاصة الطائرات المقاتلة من الغرب، وتعرض إلا ما يشبه الحظر بعد حرب المالوين.
ويرى البنتاغون بقلق كبير كيف توجه دول أمريكا اللاتينية نحو مقاتلات غير غربية ومنها روسية وصينية. وصرح الجنرال شارلز براون، رئيس هيئة الأركان الجوية الأمريكية مؤخرا أن البنتاغون غير مرتاح لمساعي الصين بيع مقاتلاتها لدول المنطقة، وركز أساسا على الأرجنتين التي تريد اقتناء مقاتلة جي إف-17 على حساب إف 16.