بلغت حالات الإصابة بكورونا فيروس “كوفيد 19″ في المغرب حتى ليلة الاثنين 30 مارس 556 حالة ومنها 33 حالة وفاة، وهو رقم يؤكد أن الوضع مازال تحت السيطرة وبعيد عن الأرقام التي تجعل وزارة الصحة متجاوزة في تعاطيها مع هذا الفيروس. لكن ما يخلق القلق هو ما يفترض أنه سوء الإهمال في بعض مستشفيات البلاد علاوة على غياب الوضوح من طرف الدولة المغربية حول المعدات الحقيقية التي توجد في البلاد ومنها آلات التنفس الاصطناعي التي تنقذ المرضى من الموت.
ويبقى رقم 556 المسجل حتى مساء 30 مارس أي خلال 28 يوما من تسجيل أول حالة في المغرب رقما مقبولا للغاية إذا أخذنا بعين الاعتبار انتشار الفيروس وتقدمه في بعض دول الجوار مثل اسبانيا. ويؤكد هذا الرقم أن الفيروس لم يكن يتجول في البلاد عكس ما حدث في دول أخرى مثل غالبية الدول الأوروبية وتسبب في انتشار مرعب له مثلما يحدث في إيطاليا واسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
وكانت ألف بوست قد تناولت بعض العوامل التي جنبت المغرب انتشار الفيروس بشكل كبير، أولا، غياب مطارات دولية في معظم المدن المغربية، وثانيا، غالبية السياح الذين كانوا في المغرب قدموا قبل انفجار الفيروس في الدول الأوروبية، الأمر الذي يفسر العدد المحدود جدا للسياح المصابين. في الوقت ذاته، وجود حدود جغرافية وحيدة مصدر الخطر وهي الحدود الشمالية، دول الاتحاد الأوروبي بينما الحدود الشرقية والجنوبية لا تشكل نهائيا الخطر.
وكان الخطر الوحيد هم السياح الجدد ما بعد 2 مارس والمغاربة القادمين من الخارج، لكن مرحلة السياح والوافدين قد انتهت نهائيا يوم 28 مارس بعد إغلاق الحدود بشكل تام منذ أكثر من أسبوعين. والآن يحتسب المغرب الحالات المحلية، وهي في أغلبها مرتبطة بحالات الوافدين أي الذين اختلطوا معهم وتحولوا الى مصدر نقل الفيروس. ويؤكد مدير الأوبئة في وزارة الصحة محمد اليوبي أن ارتفاع الإصابات يعود الى العائدين من رحلة سياحية من مصر الى مكناس، وحفلة في مدينة الدار البيضاء، وهو ما يجعل جهة الدار البيضاء ومكناس بؤرتين في حالة اعتماد الأرقام المغربية ونسبية للغاية في حالة اعتماد الأرقام الدولية.
وعليه، عدم تجاوز 600 حالة خلال قرابة الشهر الأول ل منذ تسجيل الحالة الأولى يؤكد أن المغرب ضمن الدول التي توجد خارج خطر فيروس كورونا لاسميا بعد قرار الحجر الصحي في البلاد وإغلاق الحدود. إذ أنه بعد مرور قرابة شهر، لم تتضاعف الحالات بالمئات كما جرى في اسبانيا، وسيكون رصد الحالات محدود للغاية في حالة المائة حالة حتى التراجع الشبه الكلي للفيروس خلال منتصف أبريل.
في غضون ذلك، ما طفت الى السطح أخبار تتحدث عما يفترض إهمال بعض المواطنين وكيف تعاملت وزارة الصحة بطريقتين مختلفتين. عندما اشتكت سائحة فرنسية في أكادير من الاهمال سارعت الجهات المعنية الى الاعتراف بنوع من التقصير والتعهد بتجاوز الوضع، وعندما ندد مرضى مغاربة بما عانوه ومنهم مواطن مغربي مقيم في بريطانيا في مستشفى مراكش تعرض لنوع من النقد بل والتهديد بالنيابة العامة.
وضمن ما سلبي في معالجة الدولة للأزمة المرتبطة بهذا الفيروس هو سياسة الغموض ويغيب النضج في التعامل الشفاف مع المواطنين. فمن جهة، سياسة التواصل مع الرأي العام ضعيفة للغاية بدأت تقتصر فقط على الأرقام الجافة دون توضيحات. ومن جهة أخرى، لا تقدم الوزارة المعطيات الكافية عن عدد آلات التنفس وكم تتوفر عليه من معدات الكشف بأنواعه السريع الذي يرصد كورونا فيروس بعد تطور الفيروس وغير السريع الذي يرصد الفيروس في مرحلته الجنينية الأولى. وهذا الأخير المعروف بحورفه اللاتينية RT-PCR هو الفحص الذي الموثوق فيه.
ويتساءل الرأي العام حول ارتفاع عدد الوفيات مقارنة مع المتعافين، ويبدو أن الأمر متسرعا نوعا ما لأنه ارتفاع المصابين في المغرب حصل خلال الأسبوعين الأخيرين، والتعافي يتطلب ما بين أسبوعين حتى ثلاث أسابيع، لكن إذا استمرت الوفيات، فقد يكون الأمر مرتبطا بقلة آلات التنفس الاصطناعي التي تعوض الرئتين وليس آلات التنفس العادي، إذ يتطلب إبقاء المريض أحيانا ما بين أسبوعين حتى ثلاث على آلة التنفس الاصطناعي. ولم تجب الدولة حتى الآن: كم من آليات التنفس الاصطناعي تتوفر عليها مستشفيات البلاد؟ لأن غياب هذه الآلات سيكون كارثيا. هل تخبر الدولة كم من جهاز تنفس اصطناعي في المغرب بما فيها تلك التي وصلت من الصين منذ أيام؟