مدريد والرباط وسياسة القط والفأر في محاربة التهريب من سبتة ومليلية

نساء تحملن مواد مهربة ضمن التهريب المعيشي

تلعب السلطات المغربية والإسبانية لعبة القط والفأر بشأن تجارة التهريب بين مدينتي سبتة ومليلية وباقي الأراضي المغربية، إذ يتخذ كل طرف سياسة التشدد ويتهم الطرف الآخر، بينما يعاني عشرات الآلاف من المغاربة الذين يعتمدون على التهريب مصدراً للعيش ويوجدون من دون دخل الآن.
وتقع سبتة ومليلية شمال المغرب، وتحتلهما إسبانيا منذ فترة طويلة، وتشكلان مصدراً لتهريب مختلف المواد نحو باقي المغرب، من مواد غذائية وألبسة ومعدات إلكترونية، علاوة على كونهما منفذاً للهجرة السرية لكثير، سواء للمغاربة أو الأفارقة. ولا توجد إحصاءات محددة بشأن قيمة السلع المهربة من سبتة ومليلية، لكن مؤشرات قريبة للواقع حصلت عليها جريدة «القدس العربي» تفيد بحوالي 850 مليون يورو سنوياً، الثلثان لسبتة والثلث لمليلية، بينما كانت في الماضي حوالي مليار ونصف مليار يورو. وتراجع التهريب بسبب سياسة التشدد ثم تولي مغاربة استيراد الكثير من المواد المهربة مباشرة من الصين وبعض دول آسيا.
ومنذ أكثر من شهر، تبنت مدريد والرباط سياسة التشدد تجاه التهريب، إذ تنهج مدريد سياسة متطرفة تمنع الكثير من المغاربة الدخول إلى سبتة ومليلية في وقت كانت تتسامح معهم من قبل. كما تحول دون نقل المغاربة مواد متعددة إلى الأراضي المغربية، وهو تصرف يحدث لأول مرة منذ عقود. ويبدو أن المغرب بدوره تبنى سياسة مشددة، فقد بدأ بمنع دخول بضائع التهريب ويتسامح مع المغاربة الذين يقتنون أشياء لمنازلهم دون إعادة الاتجار فيها.
ووسط كل هذه التطورات، هناك عشرات الآلاف من المغاربة الذين يعيشون من التهريب أو ما يطلق عليه التهريب المعيشي، حيث تعد سلسلة من الذين يقتنون المواد، وآخرون يقومون بتهريبها ثم إيصالها إلى مدينتي الفنيدق وتطوان في المغرب، ومن هناك نحو باقي المدن المغربية. ويخلف التهريب موقفاً مختلفاً وسط ساكنة شمال المغرب أساساً. ويصفق طرف لسياسة التشدد لأنها ستنهي التهريب الذي يضر بالاقتصاد المغربي، كما ستحد من الهجرة نحو تطوان من باقي المدن لممارسة التهريب. ويرى طرف آخر النقيض، إذ يطالب السلطات المغربية بالتراجع عن سياسة التشدد حتى إيجاد بديل لعيش العشرات الآلاف من المغاربة.
وتشكل المواد المهربة قرابة ثلث الإنتاج القومي الخام لكل من سبتة ومليلية ومدينتي الفنيدق وتطوان، وبدأت إسبانيا في التفكير في تعويض المدينتين عن تراجع النشاط التجارب، بينما لم يعلن المغرب حتى الآن عن أي إجراء اقتصادي للمتضررين من محاربة التهريب. ووسط كل هذا، يستمر الاتهام بين إسبانيا والمغرب بتحميل كل طرف الآخر بنهج سياسة التشدد.

Sign In

Reset Your Password