في هجومها على العدالة والتنمية، كيف ارتكبت الإمارات العربية خطأ المزج بين مصالح الدولة ومواجهة حزب

رئيس الحكومة السابق ابن كيران في صورة رفقة الإماراتي خلفان الذي يتحرش سياسيا بالعدالة والتنمية

فتح رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران النار على الإمارات العربية وركز على بعض الشخصيات المثيرة للجدل مثل الفلسطيني دحلان والمسؤول الأمني خلفان، وذلك بسبب محاولات هذا البلد الخليجي التدخل في الشأن السياسي المغربي عبر قنوات متعددة.

وتفيد الصحافة المغربية يومه الثلاثاء بإلقاء ابن كيران هذه التصريحات في اجتماع مع شبيبة حزب العدالة والتنمية، حيث خصص نقدا مباشرا الى شخصيات مثل دحلان الفلسطيني وخلفان الإماراتي، وهما من الشخصيات المثيرة للجدل. لكن يعتبران من القنوات أو الواجهة فقط التي تصرف الإمارات العربية سياستها الخارجية تجاه العالم العربي وخاصة بعد الانتفاضات المطالبة بالديمقراطية.

وعمليا، حاولت الإمارات العربية وضمن الدور التي منحته لنفسها بمواجهة الربيع العربي التدخل في شؤون مختلف الدول العربية الذي حاولت التعاطي السياسي البعيد عن العنف المطلق مع هذه الأحداث، ومحاولة خلق فوضى في دول أخرى.

في هذا الصدد، ساهمت الإمارات في التغيير الذي وقع في مصر من خلال الانقلاب العسكري، حيث مولت نظام عبد الفتاح السيسي في محاولة للقضاء على رئاسة وحكومة الإخوان المسلمين. كما مولت جزء من المواجهات المسلحة الدائرة على السلطة في ليبيا، وحاولت التدخل بقوة في تونس. وكان الرئيس التونسي السابق المرزوقي قد اتهم خلال الأسبوع الجاري الإمارات بضرب استقرار تونس.

ولم ينج المغرب من محاولات التدخل الإماراتي وإن كانت صامتة في معظم الأحيان، وذلك لجعل الدولة المغربية تقيل حكومة الائتلاف التي تزعمها عبد الإله ابن كيران. وكان الضغط عبر التماطل في تقديم المساعدات التي تعهدت بها بعد الربيع العربي، ثم تجميد الاستثمارات في المغرب، وتوظيف إعلامها للهجوم على حكومة ابن كيران. وكان خلفان رأس الحربة خاصة خلال يناير 2015 عندما كتب مهنئا المغاربة بنهاية “الحكومة الإخوانية”، وكان رد ابن كيران بأنه لا يرغب في الرد على خلفان احتراما للعلاقات مع الإمارات، وكان خلفان مجرد ساعي بريد لإيصال الرسائل السياسية.

ويضاف الى كل هذا هو محاولة ما يفترض التحكم في المشهد الثقافي والإعلامي المغربي من خلال دفع منابر وصحفيين لتمجيد الإمارات بشكل مثير واستضافة ومنح جوائز لكتاب مغاربة وصحفيين (مع بعض الاستثناءات) بغية شراء صمتهم. وكم من كاتب في المغرب كان ثوريا وتحول لاحقا بعد زيارة الإمارات الى معارض للربيع العربي، والغريب أن الإمارات التي تعتبر عراب الثورة المضادة وصاحبة السجل الأسود في حقوق الإنسان لا تلقى عليها الأضواء حول ممارساتها.

ومن خلال دراسة مواقف الإمارات، يتبين مدى الأخطاء التي ارتكبتها في التعاطي مع المغرب، فقد اعتقدت بغياب معارضة إعلامية  وسياسية قادرة على مواجهة العدالة والتنمية ومنحت لنفسها الحق في خلق أو دعم هذه المعارضة، علما أنه توجد معارضة نشطة في المغرب تتجاوز معارضة الحكومة التي يترأسها حزب العدالة والتنمية الى معارضة ومناقشة الكثير من القرارات الملكية نفسها. ولم تعمل الإمارات مثل السعودية، هذه الأخيرة بدورها مع الثورة المضادة لكنها تعاملت بذكاء مع الواقع السياسي المغربي، لا يوجد أي شخص على شاكلة خلفان في السعودية يهاجم الحكومة المغربية وخاصة العدالة والتنمية.

وفي الوقت ذاته، منحت لنفسها دور معارضة ما تعتبره “الحركات الظلامية” بينما هي تفتقر لأبسط شروط الديمقراطية، وهو ما جعلها محط انتقادات عنيفة من طرف ناشطين مدنيين وسياسيين في تونس والمغرب أساسا.

وأخيرا، في حربها ضد الأحزاب التي تستند الى مرجعية دينية مثل العدالة والتنمية لم تفرق بين المصالح الثابتة بين الدول وفي هذه الحالة المصالح العليا بين الإمارات والمغرب والصراع مع تيارات دينية وفكرية وفي هذه الحالة رغبة بعض الأمراء في مواجهة التيارات الدينية.

Sign In

Reset Your Password