تحولت المياه القريبة من شمال المغرب سواء الواجهة الأطلسية أو المتوسطية للمغرب الى نقطة رئيسية في انتشار البحرية الروسية لأغراض عسكرية لمراقبة تحركات الحلف الأطلسي ولأغراض التجسس بحكم مرور جزء هام من الشبكة العالمية لكابلات الإنترنت والاتصالات من مضيق جبل طارق.
وأفادت وزارة الدفاع الروسية هذه الأيام بنشر ذكي لسلاح البحر في عدد من مناطق العالم التي تعتبرها استراتيجية. وكان الأميرال فيكتور تشيركوف، القائد العام للقوات البحرية الروسية قد صرح منذ أقل من أسبوعين بانتشار الأساطيل الروسية الخمسة في مختلف النقط الاستراتيجية في العالم.
وتركز روسيا على المحيط الهادي بالقرب من الصين بسبب التواجد الأمريكي المكثف والنزاعات البحرية بين دول المنطقة وتحولها الى المنطقة الاستراتيجية خلال العقود المقبلة.
وتولي البحرية الروسية ومنذ سنوات اهتماما فائقا بمنطقة البحر المتوسط، بشقيه الشرقي والغربي الى مستوى إجراء مناورات حربية رفقة الصين خلال مايو الماضي، كانت الأولى من نوعها وأخرى خلال الشهر الماضي.
وعلاقة بشرق المتوسط، فمع تحول موسكو الى لاعب رئيسي في محاولة حسم الصراع السوري، فقد أرسلت عدد من القطع البحرية الاستراتيجية الى السواحل السورية التي تنتمي عادة الى أسطول البحر الأسود ويتم تطعيمها بسفن من أسطول الشمال.
ومن جهة أخرى، ارتفع التواجد العسكري الروسي بشكل ملفت في غرب البحر الأبيض المتوسط وأساسا منطقة مضيق جبل طارق ومنها الجهة الغربية، أي الأطلسية. وأصبحت القطع الحربية لأسطول الشمال تتواجد في المنطقة باستمرار وبدون انقطاع.
ورفعت روسيا من وجودها العسكري البحري منذ الصيف الماضي وتعاظم منذ أكتوبر الماضي، فقد أرسلت قطع حربية ذات تكنولوجيا عالية للتجسسس على مناورات الحلف الأطلسي التي احتضنتها اسبانيا ما بين بداية أكتوبر الماضي حتى بداية الجاري.. ومن ضمن الأمثلة، فالسفينة الحربية المتطورة “فيسنتي أميرال كولكوف” التي وصلت الثلاثاء أو الأربعاء من الأسبوع الجاري الى شواطئ سورية قدمت من الأطلسي حيث كانت تراقب مناورات الحلف الأطلسي في اسبانيا.
وتقوم السفن والغواصات الروسية بمراقبة برنامج الذرع الصاروخي الذي أقامته الولايات المتحدة في قاعدة روتا أقصى جنوب غرب اسبانيا في قادش قبالة المياه المغربية لمدينة طنجة. وهذا الذرع يرمي الى استهداف الصوارخي الروسية، وصممت موسكو على إبقاء سفن حربية بالقرب منه في مياه قادش. وهذا يجعل السفن الحربية الروسية دائما في مياه مضيق جبل طارق خاصة في مدخله الغربي الأطلسي.
ولاحظت الدوائر العسكرية الغربية ارتفاع الغواصات الروسية في منطقة مضيق جبل طارق، وإن كانت منطقة كلاسيكية للبحرية الروسية منذ حقبة الاتحاد السوفياتي. وتؤكد الدوائر الغربية بمحاولة مراقبة الغواصات الروسية للمكالمات وأساسا شبكة الإنترنت التي تتخذ من منطقة مضيق جبل طارق نقطة محورية في الاتصالات العالمية، حيث تتجمع عدد من الكابلات من أمريكا اللاتينية والشمالية وأوروبا وإفريقيا نحو هذه المناطق ونحو منطقة الشرق من العالم. ومن هذه الكابلات “كابلFEA الذي يبلغ طوله 28 ألف كلم ويربط بين مناطق متعددة من اطلاقته من لندن نحو نقاط مختلفة نحو الشرق مرورا بمضيق جبل طارق كنقطة رئيسية.
وكانت روسيا قد نفت منذ أسبوعين أي تجسس لغواصاتها على سفن الاتصات وكابلات الإنترنت في البحار. لكن تصريحاتها تبقى بدون أساس، وهي مثل الدول الكبرى تتجسس على الكابلات البحرية مثل البحرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية والصينية.
كل هذه التطورات تجعل المياه الدولية القريبة من المغرب في الواجهة الأطلسية والمتوسطية ذات طابع استراتيجي للبحرية الروسية في الوقت الراهن، وستزداد أهمية مستقبلا.