ما زال الجدل مستمرا بشأن الوضع الصحي للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، خاصة وأنه لم يظهر على شاشات التلفزيون منذ رواج «خبر» نقله إلى الخارج بسبب وعكة صحية، والذي كان سيتحول إلى إشاعة في حال ظهوره، لكن ذلك لم يحدث، في وقت تواصل فيه ما تسمى مجموعة الـ19، التي تفقد أعضاء يوميا، الإصرار على ضرورة مقابلة الرئيس بوتفليقة، والحديث اليه، رغم الانتقادات التي تتعرض اليها هذه المجموعة من أحزاب الموالاة والمعارضة على حد سواء.
عادت صحة الرئيس بوتفليقة لتصبح موضوع الساعة، بعد تداول أنباء عن نقل الرئيس إلى الخارج من أجل تلقي العلاج، اذ قيل في وقت أول إن بوتفليقة نقل إلى مصحة في مدينة غرونوبل التي سبق أن تلقى فيها علاجا، لكن إدارة هذه المصحة نفت تلك المزاعم، ليقال بعد ذلك إن الرئيس الجزائري يعالج في سويسرا وسط تكتم شديد، من دون أن يصدر أي بيان رسمي عن السلطات بشأن صحة أو كذب ما تم تداوله إعلاميا وعلى نطاق واسع، الأمر الذي أدى إلى تضخم الإشاعات إلى حد رواج إشاعات تشير إلى أن الرئيس بوتفليقة توفي، وأنه هناك تكتما على خبر وفاته، وهو الأمر الذي يصعب تصديقه، لأنه لا يمكن إخفاء خبر مماثل إلا بضعة ساعات لا أكثر، لكن عدم ظهور الرئيس يغذي الإشاعات، فالرئيس يمكن أن يكون قد تنقل لإجراء فحوصات طبية، من دون أن تكون أوضاعه الصحية عرفت تدهورا، لكن التكتم الذي تتعامل به السلطات مع هذا الموضوع يفتح الأبواب لكل أنواع الإشاعات.
في المقابل سارعت وسائل إعلام خاصة محسوبة على السلطة، لتنفي ما يتردد مشددة على أن الرئيس موجود في الجزائر، وأنه يقوم بمهامه ويسهر على تسيير شؤون البلاد بشكل عادي، علما أن وسائل الاعلام نفسها قالت الكلام نفسه، في الوقت الذي كانت فيه نظيرتها الفرنسية تصور الطائرة الرئاسية الخاصة بالرئيس بوتفليقة، وهي تقلع من مطار غرونوبل نحو مطار بوفاريك العسكري في الجزائر، بعد استكمال العلاج والفحوصات!.
على جانب آخر تواصل مجموعة الـ19 التي طلبت لقاء الرئيس بوتفليقة، بدعوى عدم اقتناعها بأن القرارات الصادرة مؤخرا نابعة من إرادته، متهمين جهات ما بعزل الرئيس والتصرف باسمه، هذه المجموعة فقدت ثلاثة من أعضائها اعترفوا بأنهم كانوا سذجا وأنهم لم يدركوا أبعاد هذا المسعى، كما فقدت عضو رابع أعلنت هي أيضا انسحابها، في حين يصر بقية أعضاء المجموعة وعلى رأسها لويزة حنون زعيمة حزب العمال وخليدة تومي وزيرة الثقافة السابقة والمجاهدة زهرة ظريف بيطاط والمجاهد لخضر بورقعة على مواصلة مسعاهم رغم الانتقادات.
وشددت لويزة حنون على ان انسحاب بعض أعضاء المجموعة يعود إلى الضغوط التي تعرضوا إليها بعد التوقيع على الرسالة التي وجهت إلى الرسالة، موضحة أن الذين تطوعوا للرد من رؤساء أحزاب الموالاة ليس لهم أية شرعية للحديث باسم الرئيس، وأن كلامهم لا معنى له، وأنها ماضية في مسعى مقابلة الرئيس بوتفليقة لتسمع منه إن كان هو صاحب القرارات التي اتخذت في الفترة الأخيرة، والتي تعتبر مناقضة لمبادئه.
وانتقد محسن بلعباس رئيس حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» بشدة أصحاب هذه المبادرة، مؤكدا على أنها محاولة يائسة من طرفهم من أجل العودة إلى سرايا النظام التي طردوا منها.
وأوضح أمس في ندوة نظمها حزبه أن هؤلاء تاهوا ولم يعودوا يعرفون كيف يتموقعوا داخل النظام، ويحاولون لقاء الرئيس من أجل ضمان العودة إلى نطاق التغطية، مشيرا إلى أنه حتى إن كان كلامهم يذهب في نفس اتجاه ما تردده المعارضة منذ أشهر، فإن المناورة تعطي فكرة على الأشخاص الذين كان النظام يعتمد عليهم في تسيير الشأن العام.