يترتب عن التفجيرات الإرهابية التي تعرضت لها باريس وخلفت مقتل 129 شخصا يوم 13 نوفمبر 2015 تأثيرات وانعكاسات على المستوى الدولي، وتمتد الى المغرب نظرا للعلاقات السياسية والبشرية بين البلدين. ومن ضمن عناوين التأثيرات المباشرة الانعكاسات على قطاع حيوي مثل السياحة والجدل حول نوعية التضامن مع فرنسا.
وتعتبر تفجيرات باريس الأعنف التي تشهدها أوروبا بعد اعتداءات مدريد، وتحدث في سياق دولي متوتر بسبب الملف السوري وعجز العالم الاتفاق حول الحد الأدنى من الحل. وتعتبر الدول الواقعة في محيط فرنسا، وهي الاتحاد الأوروبي والمغرب العربي الأكثر تأثيرات بالاعتداءات الإرهابية، وإن كان بمستويات مختلفة.
وتلخص ألف بوست ردود الفعل والتأثيرات المسجلة منذ الجمعة الماضية، تاريخ الاعتداءات. فقد اندلع جدل قوي حول اعتماد العلم الفرنسي في شبكات التواصل الاجتماعي وأساسا الفايسبوك.
وقام جزء من المغاربة بالتضامن مع فرنسا باعتماد العلم الفرنسي في صورة جدار المشتركين في الفايسبوك عبر التقنية التي سهلتها إدارة هذا الموقع. في المقابل، رفض مغاربة آخرون اعتماد العلم الفرنسي، لينفجر نقاش حاد: لماذا التضامن مع ضحايا فرنسا فقط وليس التضامن مع ضحايا الشرق الأوسط ومنها بيروت كذلك؟ وفي العموم، غلبت الشعبوية في الآراء بدل النقاش العميق في هذا المجال باستثناء تعاليق كانت ذكية وطالبت بالتضامن مع الجميع وتفادي التضامن الانتقائي.
وحاول الحقوقيون تجاوز هذا النقاش من خلال التضامن يوم الأحد في الرباط والدار البيضاء مع كل من ضحايا باريس والعاصمة بيروت التي كانت بدورها مسرحا لعملية إرهابية خطيرة نفذتها داعش يوم الخميس الماضي وخلفت مقتل 41 شخصا.
وكانت كتابات في الفايسبوك لمعلقين مغاربة قد حاولت تبرير الاعتداء على شارلي إيبدو من منطلقات دينية محضة، وهي التي وقعت خلال يناير الماضي، لكن هذه المرة وأمام الإرهاب العشوائي والأعمى الذي خلف مقتل 129 شخصا، غابت تعاليق استفزازية وكتابات التشفي ليحل محلها الخوف على صورة الإسلام من الإرهابيين.
وكلما وقع اعتداء إرهابي في أوروبا، يكون التساؤل هل المغاربة متورطون؟ وهذا التساؤل يعود الى التطرف الذي يعشعش في صفوف الجالية المغربية، خاصة بعد ارتفاع المعتقلين بتهم الإرهاب وارتفاع عدد المتوجهين منهم الى نزاعات الشرق الأوسط.
لكن الاعلام المغربي لوحده هو الوحيد الذي اهتم بجنسية المتورطين بينما الاعلام الأوروبي يتحدث عن مواطنين فرنسيين وبلجيكيين متورطين في الإرهاب لتفادي ربط الاعتداءات باصول المهاجرين. وكان مطلب الاعلام المغربي وبعض مثقفيهو هو تجنب ذكر جذور المتورطين خاصة إذا كانوا قد ولدوا وتربوا في أوروبا، لكنه هذه المرة يسقط في الفخ نفسه. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند واضحا في هذا الصدد بقوله أمام البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ يوم 16 نوفمبر “فرنسيون قتلوا فرنسيين”.
ومثلما حدث في اعتداءات مدريد، فقد حصد الإرهاب الأعمى مهاجرين مغاربة، ويتعلق الأمر بالمهندس أمين بنمبارك الذي لقي حتفه عندما كان في مقهى رفقة زوجته.
وتحول إرهاب داعش وأكثر من القاعدة الى إرهاب عابر للحدود والقارات. وعليه، بمجرد وقوع اعتداء، تقدم الدول ومنها في البحر المتوسط على اتخاذ أعلى درجات الاحتياط. في هذا الصدد، توجد الأجهزة الأمنية والمخابراتية المغربية في حالة استنفار قصوى لتفادي وقوع اعتداء قد يضرب أهم أهم ركائز اقتصاد المغرب وهي ركيزة السياحة.
ويقول العاملون في مجال السياحة في المغرب، لم تعد السياحة تتأثر بالعمليات الارهابية المباشرة بل يكفي حصول عمل إرهابي في البحر المتوسط لتنتقل عدواه الى السياحة الفرنسية. ومن ضمن الأدلة هو الانعكاسات السلبية لاعتداءات شارلي إيبدو خلال يناير الماضي ثم اعتداءات تونس خلال يونيو الماضي على تراجع قطاع السياحة المغربي الى مستوى يقترب من نقطة القلق الكبير جدا.