تعيش اسبانيا يومه الأحد انتخابات بلدية وأخرى خاصة بمعظم حكومات الحكم الذاتي. وتعتبر من أهم المحطات السياسية في العقود الأخيرة لأنها قد تشكل نهاية الثنائية الحزبية الممثلة في الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي، التي سيطرت على البلاد منذ الانتقال الديمقراطي نحو مشهد سياسي منفتح على كل الاحتمالات بفضل ظهور قوى سياسية جديدة ليبراليا ويساريا وخاصة حزب بوديموس.
وكانت اسبانيا حتى شهر مايو الماضي، تعيش إيقاعا سياسيا رتيبا بسبب هيمنة الحزب الشعبي المحافظ والحزب الاشتراكي التقدمي على الحياة السياسية، لكن الانتاخابات الأوروبية الأخيرة شكلت منعطفا أولا عبر ظهور قوتين جديدتين، حزب بوديموس اليساري بزعامة بابلو إغلسياس وحزب سيودادانوس الليبرالي بزعامة ألبير ريفيرا.
وفي ظرف زمني وجيز لا يتعدى أشهر، أصبح المشهد السياسي الإسباني رباعيا يتكون من القوى السياسية الأربعة، حيث تتناوب في مختلف استطلاعات الرأي على احتلال المركز الأول وخاصة الحزب الشعبي الحاكم ثم حزب بوديموس الحديث التأسيس. وظهر الحزبان، بوديموس وسيودادانوس بقوة رغم عدم تواجدهما في البرلمان الوطني ولا يسيران أي بلدية باستثناء التواجد في البرلمان الأندلسي الذي شهد انتخابات خلال شهر مارس الماضي.
ورغم التهميش الاعلامي الذي تعرضا له الحزبان بسبب سيطرة الاشتراكي والشعبي على وسائل الاعلام الرسمية وشركات الاعلام الموالية لهما، إلا أن أطروحتهما في مواجهة الفساد لقيت ترحيبا كبيرا من طرف الرأي العام الإسباني. ولعبت شبكات التواصل الاجتماعي مثل يوتوب وفايسبوك وتويتر دورا رئيسيا في التواصل بين الحزبين الجديدين والإسبان. ويقوم أنصار الحزبين بالرهان الكبير على الإنترنت للتعويض عن التهميش في وسائل الاعلام.
وعلاوة على شبكات التواصل الاجتماعي، فقد استغل بوديموس واسيودادانوس انفجار عشرات الفضائح المالية والسياسية التي تورط فيها الحزب الشعبي وكذلك الحزب الاشتراكي، حيث مست رموز تاريخية من الحزبين.
وتفيد استطلاعات الرأي بتصدر الأحزاب الأربعة عدد من البلديات وحكومات الحكم الذاتي، ولأول مرة ستكون أغلبية بلديات البلاد مشكلة من ائتلافات حزبية بدل انفراد حزب واحد بالتسيير كما جرى خلال العقود الأخيرة. ويسيطر الحزب الشعبي المحافظ على أغلبية بلديات اسبانيا وخاصة البلديات الكبرى مثل مدريد وفالنسيا واشبيلية ومالقا باستثناء برشلونة، لكن هذه السيطرة ستنتهي ابتداء من غد الأحد. ويتكرر الأمر نفسه في حالة نتائج حكومات الحكم الثاتي.
ويجمع المحللون الإسبان أن البلاد تعيش المنعطف السياسي الحقيقي بسبب تغيير جذري في المشهد السياسي من خلال نهاية الثنائية ابتداء من الاعلان عن النتائج غدا الأحد. وقد يتعمق هذا التغيير في الانتخابات التشريعية خلال نوفمبر المقبل.
ولا تختلف اسبانيا عن بعض الدول الأوروبية التي تشهد تغييرات في مشهدها السياسي مثل فرنسا، حيث تتصدر الجبهة الوطنية استطلاعات الرأي أو وصول حزب سيريسا الى الحكم في اليونان، وهو الحزب اليساري غير الكلاسيكي الذي لم يكن له تواجد منذ سنوات.