تحول نشطاء جماعة العدل والإحسان شبه محظورة في المغرب الى فاعلين في محاربة التطرف في اسبانيا، ويبدو أن هذا يتم بتنسيق مع السلطات الإسبانية، وهو ما يخلق مفارقة في التعامل مع الجماعة بين الرباط ومدريد، لكن هذه المفارقة توجد في دول أخرى منها التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين أو مع المفكر الإسلامي طارق رمضان.
في هذا الصدد، نظمت مؤخرا مؤسسة “فيري” وهي تجمع عدد من الجمعيات الإسلامية في اسبانيا دورة تكوينية للأئمة في مدينة فالنسيا شرق البلاد بتنسيق مع الجامعة الإسلامية في روتردام.
ونقلت عدد من وسائل الاعلام الإسبانية ومنها وكالة الأنباء إيفي أن الهدف من هذا التكوين هو محاربة التطرف وتلقين الأئمة خطابات الاعتدال في مواجهة خطابات التطرف السائدة في بعض مساجد البلاد. وتضيف أن 40 إماما سيستفيدون من هذا التكوين الذي تشارك فيه كذلك رابطة أئمة اسبانيا.
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي تقدم فيها مؤسسة فيري على تنظيم نشاط تكويني للأئمة ضد التطرف وفي ملفات دينية أخرى بل في العديد من المناسبات. وتبقى المفارقة هو أن مؤسسة فيري ورابطة أئمة اسبانيا مقربتان جدا من جماعة العدل والإحسان المغربية. وكان معظم نشطاء المؤسستين والمسيرين لهما من أعضاء الجماعة في المغرب التي تعتبر أكبر جماعة إسلامية في المغرب كذلك.
وبينما تعتبر الدولة المغربية جماعة العدل والإحسان متطرفة نوعا ما وتمنع الكثير من أنشطتها، في المقابل تعتمد السلطات الإسبانية عليها في محاربة خطابات التطرف وخاصة السلفيين. وكانت مؤسسة فيري في يد مقربين السلطات المغربية لكن المغرب فقد السيطرة على هذه المؤسسة الدينية. وتفيد الكثير من المعطيات برفض اسبانيا ترك المجال الديني في يد الدولة المغربية رغم التنسيق بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب.
في الوقت ذاته، يتولى رئيس مؤسسة فيري منير بنجلون رئاسة اللجنة الإسلامية الإسبانية وهي الهيئة الرسمية التي تشرف على الدين الإسلامي في هذا البلد الأوروبي.
وحول الهدف من هذا التكوين، يصرح منير بنجلون لوكالة “إفي” “التكوين المستمر للأئمة يهدف الى تكوين أئمة يسايرون المجتمع الذين يعيشون فيه ويتفهمون وضيعته”. ويراهن على تكوين الأئمة متشبعين بخطابات معتدلة لمواجهة التطرف في اسبانيا.
وكانت دراسات أكاديمية وأمنية قد نصحت الدولة الإسبانية في الوقت الراهن بالتنسيق مع مختلف الجماعات الإسلامية غير المتطرفة ومنها العدل والإحسان لمواجهة خطابات التطرف لبعض الأئمة السلفيين المتواجدين في بعض المساجد ومنها أساسا بعض مساجد تقع في إقليم كتالونيا شمال شرق اسبانيا. ومن مظاهر هذا التنسيق تسهيل السلطات الإسبانية للأنشطة التي تقوم بها الجمعيات التي تعتبرها معتدلة في خطابها الإسلامي وسط الجالية المسلمة في اسبانيا.
وحالة جماعة العدل والإحسان في اسبانيا تتكرر مع جماعات أخرى ومنها الإخوان المسلمين، فهذه الجماعة تعتبر إرهابية في برنامج عدد من الدول ومنها مصر والإمارات العربية، بينما تتعامل معها الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا. ويتكرر الأمر نفسه مع حالات أخرى وهذه المرة شخصية مثل حالة المفكر طارق رمضان، فقد اعتبرته فرنسا متطرفا بينما تعاقدت معه بريطانيا لمساعدتها على مواجهة التطرف.