انعكست ضبابية الأهداف واختلاط المفاهيم في عملية «عاصفة الحزم» التي تشن على اليمن بقيادة السعودية، على التعاطي المغربي غير الرسمي مع هذه العملية التي يشارك فيها المغرب بست طائرات ترابط منذ عدة شهور في الإمارات العربية في إطار المشاركة المغربية في الحرب على تنظيم الدولة في سوريا والعراق.
مصطفى الخلفي وزير الإتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة قال أن مشاركة المغرب في الضربات العسكرية على اليمن «تأتي في إطار العمل العربي المشترك الذي تقوده السعودية، وتدخل في سياق واجب التضامن والدفاع عن الشرعية ورفض أي سلوكات تؤدي إلى المس بالوحدة الترابية لليمن» ولم تأت في سياق إشهار الحرب على اليمن مذكرا بما ورد في بيان وزارة الخارجية المغربية حول هذه المشاركة والذي «كان واضحا في هذا الموضوع».
«ليست المرة الأولى التي يشارك فيها المغرب في هذا النوع من العمليات» يقول الخلفي مشيرا إلى مشاركة بلاده في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة تحت القيادة الإماراتية، وغيرها من العمليات المماثلة.
ففي 2 آب/اغسطس سنة 1990 وفي حين بقيت السعودية صامتة لعدة أيام، كان المغرب أول دولة في العالم تدين دخول القوات العراقية الكويت، إلا ان الموقف المغربي بدا أكثر هدوءا، وفيما كانت قوات 33 دولة تتوجه للسعودية للقتال تحت قيادة أمريكية «لتحرير الكويت»، كان الملك المغربي الراحل الحسن الثاني يؤكد ان القوات المغربية المرابطة في السعودية لن تشارك في الحرب على العراق وان مهمتها تقتصر على الدفاع عن السعودية.
حتى الآن ورغم مرور أسبوع على بدء الحرب في اليمن لم يعلن المغرب رسميا كيفية مشاركة طائراته الـ 6 في هذه الحرب ان كانت تحت القيادة المباشرة للسعودية أو كما هي في الحرب على تنظيم الدولة تحت قيادة الإمارات، هل سيشارك بقوات اذا ما قررت السعودية شن حرب برية على اليمن أم سيكتفي بالتواجد الرمزي لطائراته في الإمارات؟
المغرب رسميا بالإضافة إلى وضع طائراته في الإمارات رهن التحالف من أجل دعم الشرعية في اليمن، أعلن تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة في بعدها «السياسي، والمعلوماتي، والعسكري».
ويصعب فصل الموقف المغربي المؤيد للحرب السعودية على اليمن عن علاقة المغرب التاريخية بدول الخليج العربي، خاصة السعودية والإمارات، إلا ان مشاركته الرمزية فيها، التي أعلن عنها في الإعلام السعودي قبل المغربي، تبقى محل تساؤل واهتمام بالأوساط المغربية، خاصة وان المغرب يشن حربا على الإرهاب المرتبط بتنظيمي الدولة والقاعدة ويكشف بين الحين والآخر، في إطار حربه الاستباقية على هذه الظاهرة، عن تفكيك خلايا تنشط في المغرب وتستهدف أمنه واستقراره بالاضافة إلى مشاركته بالتحالف الدولي ضد هذه التنظيمات، التي تقاتل إلى جانب قوات التحالف العربي في اليمن لـ»إعادة الشرعية» للرئيس عبد ربه منصور هادي وحماية العربية السعودية.
الأحزاب السياسية المغربية ما زاالت لا تولي إهتماما باليمن والحرب فيه، باستثناء الحزب الإشتراكي الموحد الذي اكتفى بتدوينة أمينته العامة نبيلة منيب على صفحتها على موقع الفيسبوك معلنة رفض حزبها لأي مشاركة مغربية في «العدوان على اليمن، أو تقديم أي شكل من أشكال الدعم العسكري للتحالف الخليجي الرجعي والإمبريالي».
وقالت أن حزبها يشجب «العدوان العسكري على الشعب اليمني، وكل أشكال التدخل في شؤونه من قبل بعض القوى التي حولته إلى ساحة للصراع على النفوذ في المنطقة» داعية إلى «الحوار بين مكونات الشعب اليمني، وتعزيز دور الأمم المتحدة، وسحب جميع القوات الأجنبية من اليمن».
ويقول عمر بن دورو، وهو فقيه دستوري، أن قرار مشاركة المغرب في الحرب باليمن سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة يعتبر «إشهارا للحرب» ينظمه الدستور 2011 وأن الدولة المغربية لم تلتزم بمنطوق الدستور في هذا الموضوع. ويؤكد أحمد البوز، أستاذ القانون الدستوري في جامعة محمد الخامس ان الشكليات الدستورية للمشاركة المغربية «لم تُحترم» ويوضح البوز «مهما كان مفهوم إشهار الحرب غامضا وضبابيا، فإن احترام الشكليات الواردة في الدستور يبقى أساسيا».
فيما يقول محمد بن حمّو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية أن المغرب في الحرب على اليمن «مشارك ومساند لتحالف إقليمي قرّر الاستجابة لطلب من الرئيس اليمني الشرعي، عبد ربه منصور، وأن ذلك تم بناء على التزامات المغرب الدولية والإقليمية».
وقال بن حمو إن مشاركة المغرب إلى جانب التحالف ضد جماعة الحوثي في اليمن، ليست تدخلا عسكريا مباشرا، وإنما تعتبر»دعما ومساندة لحلفائه في دول الخليج» وأن الطريقة نفسها ابتعدت عندما تعلق الأمر بالتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في العراق، قبل أشهر، حين قرّر المغرب تقديم دعم إنساني ولوجيستي فقط، أما مشاركة قوات جوية مغربية في تلك الحرب فقد تمت باسم الإمارات العربية المتحدة، وفي إطار اتفاقية التعاون والدفاع المشترك بينهما.