تحضر المحاكم في اسبانيا وعلى رأسها المحكمة الوطنية في مدريد بشكل مستمر في وسائل الاعلام في هذا البلد الأوروبي بسبب عشرات المحاكمات ضد مسؤولين كبار من العائلة الملكية الى رؤساء حكومات الحكم الذاتي مرورا بوزراء، ومن أبرز الأسماء رودريغو راتو وزير الاقتصاد والمدير السابق لصندوق النقد الدولي.
وتبدأ نشرات الأخبار عموما بمراسلات مباشرة من باب المحاكم وخاصة المحكمة الوطنية في مدريد أو كبريات المحاكم في الأقاليم مثل اشبيلية برشلونة وميوركا. وكانت الأميرة كريستينا قد شدت الانتباه طيلة السنة الماضية حتى قبل الصيف بسبب تورطها في فضائح مالية قد تنتهي بالحكم عليها بالسجن غير المنفذ، فوزير الاقتصاد الأسبق رودريغو راتو يسرق الأضواء ولكن سلبا.
ويعتبر رودريغو راتو من أبرز الوجوه في الحياة السياسية في اسبانيا، فقد كان أول وزير للإقتصاد في حكومة خوسي ماريا أثنار، وكان يتباهى بأنه صانع المعجزة الاقتصادية الإسبانية في نهاية التسعينات وبداية العقد الماضي حتى تبين العكس مع سقوط اسبانيا في أسوأ أزمة اقتصادية عاشتهاخلال العقود الأخيرة وتعاني منها الآن.
وكان رودريغو راتو المرشح الأوفر حظا لخلافة أثنار على رأس الحزب الشعبي لكن الحظ كان الى جانب رئيس الحكومة الحالي ماريانو راخوي. وغادر نحو رئاسة صندوق النقد الدولي لمدة ثلاث سنوات قبل تقديم ساتقالته سنة 2007 بحثا عن رئاسة بنك اسباني بسبب الراتب الكبير مقارنة مع الرتب المحدود في صندوق النقد الدولي.
وحول المؤسسة الملاية “كاخا مدريد” الى مؤسسة وكأنها في ملكيته من خلال التصرف في أموال بدون رقيب رفقة آخرين حتى سقط في يد القضاء الذي فرض عليه الأسبوع الماضي كفالة قيمتها ثلاثة ملايين يورو مقابل السراح المؤقت.
ويعتبر رودريغو راتو الوزير الثالث في حكومة أثنار اليمينة التي يلاحقه القضاء، فجوان ماتاس وزير الأشغال العمومية ورئيس حكومة الحكم الذاتي في جزر ميوركا يوجد في السجن منذ شهور. ويلاحق القضاء وزير الداخلية الأسبق أنخيل أسيبيس بتهمة تبييض أموال.
ويتابع القضاء الإسباني أكثر من 130 سياسيا تحملوا مناصب عليا بين الوزارة أو حكومة الحكم الذاتي ومنها رئيسي حكومتي الحكم الذاتي في الأندلس وفالنسيا وكتالونيا أو رئاسة البلديات ومئات من النواب البرلمانيين المستشارين في البلديات. وينضاف الى اللائحة زعماء أحزاب وأسماء نقابية بل وحتى مثقفين.
ومن الفضائح التي تهز الرأي العام الإسباني فضيحة غورتيل حول التمويل غير الشرعي للحزب الشعبي الحاكم، وفضيحة التعويضات “إيري” في الحكومة الأندلسية، حيث يحقق القضاء في اختلاس أكثر من 800 مليون يورو.
وتستيقظ اسبانيا كل يوم على إيقاع فضيحة جديدة أو تورط مسؤول كبير. وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء هذا الأسبوع أمام ارتفاع ملاحقة مسؤولين نهبوا ملايين اليورو “مع الأسف الشديد، القانون وضعناه لملاحقة من يسرق الدجاجة وليس خبراء الاختلاس المالي بالملايين”، وذلك في إشارة الى عدم وجود قوانين متطورة لرصد عمليات الاختلاس التي تعرفها اسبانيا وبطء القضاء في إرسال المختلسين للسجن. لكنه واثق أن الأشخاص الذين سيحلون بالسجون الإسبانية في المستقبل القريب هم من طراز خاص، في إشارة الى استحالة انفلاتهم من السجن.