يعتبر وزير الخارجية صلاح الدين مزوار أقل وزراء الخارجية تواصلا مع الصحافة والرأي العام الوطني والدولي رغم حساسية الظرف الذي تمر منه بعض القضايا الخارجية المغربية مثل ملف الصحراء بينما يعتبر محمد بنعيسى الأكثر تواصلا.
ومن خلال مقارنة مسيرة الوزراء الأربع الذين تعاقبوا على عمادة الدبلوماسية خلال 15 سنة الأخيرة، وهم محمد بنعيسى والطيب الفاسي الفهري وسعد الدين العثماني وصلاح الدين مزوار، يتبين مستوى متفاوت من الانفتاح وكذلك الطريقة في الانفتاح.
ورغم التفاوت الزمني في شغل منصب وزير الخارجية، بين عشرة سنوات قضاها بنعيسى وأقل من سنة قضاها صلاح الدين مزوار، إلا أن المعيار هو كيفية تعامل الوزراء الأربعة مع الأزمات ومستوى التواصل مع الإعلام. إذ يكفي الاطلاع على أزمة أو أزمتين لمعرفة مدى إدراك الوزير لقيمة الاعلام الدبلوماسي. في الوقت ذاته، هناك اختلاف في التوفر على وسائل الاعلام، فخلال نهاية التسعينات وبداية العقد الماضي لم تكن وسائل الاعلام القائمة على شبكة الإنترنت متطورة بالشكل الكافي عكس ما يجري منذ سنة 2010.
ورغم انتماءه الى مدرسة الحسن الثاني، يعتبر بنعيسى الأكثر انفتاحا على وسائل الاعلام الوطنية والدولية، وذلك من خلال نسبة التصريحات للصحافة والمؤتمرات التي كان يعقدها لاسيما في وقت اندلاع الأزمات أو المبادرات الاعلامية التي يقدم عليها. واستفاد محمد بنعيسى من عمله الصحفي وعلاقاته الدولية مع وسائل الاعلام.
ويأتي الوزير المحافظ سعد الدين العثماني في المركز الثاني من حيث التصريحات رغم أن مسيرته في الدبلوماسية كانت محدودة زمنيا مقارنة مع بنعيسى والطيب الفاسي الفهري. ومما ساعد العثماني على انفتاحه أكثر على الصحافة هو توليه المنصب في فترة تاريخية هامة وهي الربيع العربي، حيث ارتفع اهتمام الاعلام الدولي بالتغييرات الحكومية في المغرب مع وصول حزب إسلامي الى رئاسة الحكومة وخاصة تولي وزير محافظ الدبلوماسية.
ورغم قلة تصريحاته للصحافة، فقد نهج الطيب الفاسي الفهري تواصلا مختلفا، إذ كان يجتمع بين الحين والآخر في جلسات خاصة مع رؤساء التحرير وصحفيين لاطلاعهم على آخر التطورات في ملفات الخارجية ومنها العلاقات مع الجيران مثل الجزائر واسبانيا وأساسا تطورات ملف الصحراء. وكانت الجلسات، وإن تميزت بانتقائية، فقد كانت مفيدة نسبيا لأنها تجعل بعض وسائل الاعلام تواكب التطورات.
ويحتل صلاح الدين مزوار أسفل القائمة، حيث تتميز الفترة التي يتولى فيها الخارجية بغياب تواصل حقيقي مع الصحافة والرأي العام رغم أن القضايا الخارجية تمر بفترات شائكة للغاية، وعندما يدلي بتصريح فيكون لوسيلة إعلام محلية دون الرهان على الاعلام الدولي.
ولم ينفتح صلاح الدين مزوار على كبريات وسائل الاعلام وطنيا ودوليا للدفاع عن رؤية المغرب، في وقت تحضر وجهة نظر البوليساريو بقوة في الاعلام الدولي وفي وقت تمر منه العلاقات مع أكبر شريك وهو الاتحاد الأوروبي بتوتر نسبي.
وتبقى المفارقة الكبيرة أن غياب التواصل هذا يحدث في وقت رفع فيه مزوار شعار “التواصل” مركزيا في عمله الدبلوماسيى من خلال تعهده بالانفتاح وتبني استراتيجية إعلامية جديدة تواكب التطورات، لكن هذا لم يحدث، علما أن العالم بعبش ثورة آليات التواصل.