استطاع نظام الأردن خلال العقدين الأخيرين مواجهة مختلف الأزمات التي وقعت في الشرق الأوسط وآخرها الربيع العربي، لكن الأزمة الناتجة عن تقدم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” داعش تجعله عرضة لخطر لم يسبق له مثيل ويهدد استمرار الملكية.
ونجح الأردن في إدارة الأزمات منذ الحرب العراقية-الإيرانية، حيث كانت أراضيه مسرحا للاجئين والنازحين والضغوطات الدولية، لكن التحدي جاء في الحرب الأمريكية ضد العراق سنة 1991، وتضاعف خلال الحرب نفسها منذ 11 سنة. وكان على الملك حسين ولاحقا الملك عبد الله المناورة لمواجهة التحديات جيوسياسية وكذلك ملف النازحين الذين يعتبرون بمئات الآلاف.
وخلال انفجار الربيع العربي، اعتبر المراقبون أن الأردن رفقة البحرين يعتبران الحلقة الأضعف في الأنظمة الملكية وقد يسقط واحدا منهما. وفي ظل هشاشة الأردن، نظاما ملكيا ومجتمعا في الوقت الراهن، تظهر “داعش” بقوة على مسرح الأحداث في الشرق الأوسط.
وتتقدم داعش الآن في سوريا والعراق على حد سواء، وبدأت تقترب من الأراضي الأردنية، حيث توجد على بعد 50 كلم من الحدود الأردنية من الجانب العراقي.
وبدأت داعش تمارس حربا نفسيا على نظام الأردن متهمة إياه بالعمالة للولايات المتحدة والعداء للإسلام، وتتعهد بفتح هذه الحدود وإشراكها مع العراق والأردن. واعتبرت جريدة لوموند الفرنسية اليوم أن بعض أشرطة داعش في يوتوب التي يقوم فيها شباب بحرق جوازاتهم الأردنية والتعهد بفتح الحدود دالة للغاية على رغبة داعش في نقل حربها الى الأردن.
وإذا كانت الولايات المتحدة ترفض حتى الآن العودة عسكريا الى العراق لمواجهة داعش في زحفها على العاصمة بغداد، فالأمر يختلف في حالة الأردن، إذ ستهب الى نجدة هذا البلد عسكريا وسياسيا وماليا.
والأردن التي تعتبر دولة حدثية للغاية تلعب توازنا شبيها بالذي لعبته بلجيكا لما جرى إنشاؤها للتوازن في غرب أوروبا. ويعتبر استمرارها محوريا في التوازنات في الشرق الأوسط، ولهذا أمام أكبر تهديد يخيم على هذا البلد منذ نشأته قد يجر دولا الى التدخل وعلى رأسها الولايات المتحدة.