لم تعد تعرب الدول الغربية عبر تمثيلياتها الدبلوماسية أي تحفظ حول دور الحركات الإسلامية في المشهد السياسي المغربي، وترى بعين الارتياح انضمام سلفيين الى حزب النهضة والفضيلة لأن من شأن ذلك إضفاء نوع من الليونة والاعتدال على مواقف السلفيين.
وكما كان يحدث في مختلف الدول العربية وخاصة المغرب العربي-الأمازيغي، كانت الحكومات الغربية عبر تمثيلياتها الدبلوماسية في الرباط تتابع بقلق كبير ارتفاع قوة الحركات الإسلامية في المغرب خوفا على مصالحها من الخطاب الإسلامي. وكانت تبدي قلقها من احتمال وصول الإسلاميين الى السلطة. ويبقى الموقف الشهير لوزير الخارجية الفرنسي السابق لآلان جوبيه الذي تحفظ على فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية، حيث صرح أن باريس ستراقب باهتمام حقوق الإنسان.
ولكن تطورات الربيع العربي والتي جعلت الإسلاميين يتبنون الاعتدال في السلطة، شكلت مصدر ارتياح للغرب وخاصة دول الاتحاد الأوروبي القريب من المغرب العربي-الأمازيغي، بل اقتدت بواشنطن في تشجيعها على وصول الإسلاميين الى الحكم ليتحملوا المسؤولية ويفقدون هالتهم الشعبية بسبب عجزهم على مواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
ويعتبر انضمام بعض السلفيين المغاربة الى حزب النهضة والفضيلة وعلى رأسهم أبو الحفص من الأحداث السياسية التي حظيت بنوع من الاهتمام. وبينما تساءل الكثيرون على هل الأمر يتعلق بصفقة بين المؤسسة الحاكمة (لا نتحدث عن الحكومة) والسلفيين نوع إدماج تدريجي كما جرت العادة في تجارب أخرى مع اليسار ورفاق عبد الإله ابن كيران في رحلتهم من الشبيبة الإسلامية الى العدالة والتنمية، تساءل آخرون عن تأثير هذا الانضمام سياسيا على العدالة والتنمية وهل يتعلق الأمر بخلق منافس انتخابي.
في غضون ذلك، وعلمت ألف بوست من مصادر دبلوماسية غربية في الرباط اهتمامها بعملية التحاق أبو حفص وآخرين بالحقل السياسي، وأن الرأي السائد حول اندماج سلفيين في حزب النضهة والفضيلة هو الترحيب بدل التحفظ الذي كان سائدا من قبل.
في الوقت ذاته، كانت مقاربة مختلف التمثيليات الدبلوماسية الغربية مختلفة عن الماضي. إذ ترى أن هذا لإندماج سيساعد في استقرار المغرب ودفع السلفيين نحو الرهان على السياسة بل وقد يكون مثالا لسلفيي أوروبا من المغاربة بالرهان على الاندماج السياسي بدل الانزواء وخلق مجتمعات مصغرة وسط مجتمعات الاستقبال.
ومن العناصر التي دفعت الغرب للاختمام بالسلفيين أن موضوع السلفيين شكل نقطة محورية بشقه الاعتدالي والعنيف في أجندة العلاقات المغربية-الغربية خلال السنوات الأخيرة، والآن بدأ يغيب بسبب الربيع العربي وبدء إعادة السلفيين النظر في مواقفهم واستعداد الأغلبية المطلقة للاندماج في الحقل السياسي المؤسساتي.