توفي الطبيب الخاص للملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني الدكتور فرانسوا كليري الذي يتم وصفه بالعلبة السوداء للمملكة المغربية بعد الاستقلال والذي ألقى الضوء على رواية مقتل الزعيم اليساري المهدي بن بركة.
وتوفي الدكتور كليري، وفق وسائل إعلام فرنسية وعائلته في فرنسا الخميس الماضي عن سن تناهز 96 سنة وهو مواطن من أندوشين وأبوه من اصل أوروبي، وكان قد بدأ خدمة الملك محمد الخامس في مدغشقر ثم خدمة الملك الحسن الثاني حتى سنة 1967، تاريخ مغادرته المغرب هاربا من محاولة اغتيال الحسن الثاني له، وفق ما جاء في الكتاب للعيش في فرنسا. وكان صديقا مقربا من الحسن الثاني ويكشف له عن الكثير من المعطيات حتى لحظة معينة أحسن الحسن الثاني أنه يشكل خطرا على أسرار الدولة. ويؤكد فرانسوا كليري أن الجنرال أوفقير هو الذي ساعده في الهروب لأنه كان صديقه في حرب أندوشين.
وكتب الدكتور كليري كتابا يحمل عنوان “الحصان الأبيض” سنة 2000 يكشف فيه عن الكثير من أسرار القصر وكذلك تشكل صناعة القرار في مرحلة ما بعد الاستقلال. ومن المعطيات الجديدة التي أتى بها الدور البارز للجنرال مولاي حفيظ العلوي في عمليات القمع وهو دور بقي خافيا عن الباحثين والرأي العام والجمعيات الحقوقية، كما رصد العلاقات المتحكمة في القصر، وكتب عن الحريم، وكانت أسبوعية الأيام قد أجرت معه منذ سنوات حوارا مشوقا تحدث فيه عن الحريم.
ويعتبر بعض المؤرخين كتاب كليري هاما لمعرفة كيفية تشكل السلطة في علاقاتها بالشخصي في القصر الملكي بعد الاستقلال خاصة وأنه بصفته أجنبيا كان يتمتع بنوع من الحياد وكان أقرب الى الملاحظ.
ويبقى أبرز ما كشف عنه فرانسوا كليري في كتابه هو مقتل المهدي بن بركة. ففي ظل الروايات المتعددة التي كانت سائدة، يؤكد هذا الطبيب أن مقتل المهدي بن بركة لم يكن متعمدا بل حادثا فقط عند محاولة اختطافه من طرف الجنرال أوفقير، ولكن بعد مقتله جرى اتخاذ قرار فصل جثته ونقل رأسه الى المغرب.
وكان الزعيم التاريخي للحركة الوطنية الفقيه البصري قد أكد بدوره هذه الرواية لبعض المقربين منه ونشرت بعد وفاته في الصحافة المغربية، وأثارت الكثير من الجدل. واعتمد البصري على أحد المقربين من الملك الحسن الثاني الذي حضر هذه العملية.