نفى الرئيس الموريتاني محمد بن عبد العزيز وجود أزمة دبلوماسية مع المغرب، لكنه لم يفسر لماذا يتعمد عدم تعيين سفير في الرباط منذ سنتين. وتكشف المؤشرات تبني الرئيس الموريتاني تقنيات دبلوماسية الجزائر القائمة على الغموض والتي تنفي وقوع توتر مع المغرب رغم وجود الأزمات الشائكة.
وفي ندوة صحفية أمس في شمال البلاد، عالج الرئيس الموريتاني قضايا متعددة مع الصحفيين، وحضر المغرب في ملف لعلاقات الخارجية سواء حول الأزمة الدبلوماسية الغامضة أو ملف الصحراء. وحول العلاقات مع المغرب، نفى وجود أزمة، واعتبر أن الأزمة موجودة فقط في مقالات الصحافة في البلدين.
وحول نزاع الصحراء المغربية الذي يهم موريتانيا بحكم تواجدها السابق في المنطقة واعتبارها معنية بالنزاع وفق الأمم المتحدة، ويزداد دور نواكشوط بسبب رئاسة موريتانيا للاتحاد الافريقي الذي يحاول أن يصبح طرفا معنيا ويمارس ضغوطا دولية، قال الرئيس “الاتحاد الافريقي غير معني بالنزاع وهو يوجد في يد الأمم المتحدة ونتمنى يجد حلا مناسبا”.
موريتانيا ودبلوماسية الغمومض الجزائرية
وتكشف أجوبة الرئيس الموريتاني رهانه على ما يعرف بدبلوماسية الجزائر التي تتبنى الغموض والتناقضات. في هذا الصدد، ينفي وجود أزمة بين البلدين في وقت رفض فيه تعيين سفير في الرباط منذ سبتمبر 2012. علاوة على هذا فقد سحب جميع الدبلوماسيين من السفارة وترك فقط بعض الموظفين، وهذا يحدث لأول مرة في التاريخ الدبلوماسي بين البلدين.
في الوقت ذاته، يساور الرباط القلق من توجهات موريتانيا التي خفضت من العلاقات مع المغرب بينما عملت على تطويرها مع جبهة البوليساريو بشكل ملفت خلال السنة الأخيرة.
حلقات التوتر بين المغرب وموريتانيا
ورغم التصريحات الودية للرئيس الموريتاني، فالعلاقات بين البلدين شهدت خلال الثلاث سنوات الأخيرة توترا حقيقيا، ومن أبرز عناوين هذا التوتر:
احتجاج نواكشوط على قرار سابق للمغرب بمنع تسجيل الطلبة الموريتانيين في الجامعات المغربية.
احتجاج موريتانيا على ما اعتبرته التواجد الاستخباراتي المغربي الذي لم يحترم خصوصيات البلد، ووصل الأمر الى طرد مراسل وكالة الأنباء المغربية بتهمة التجسس.
امتعاض موريتانيا من ملاحظات صدرت عن المغرب حول العلاقات الموريتانية-الإيرانية، حيث اعتبرتها تدخلا في شؤونها الخاصة.
استمرار الهواجس لدى موريتانيا بانحياز المغرب للسينغال في النزاعات القائمة بين نواكشوط وداكار، علما أن العلاقات الثنائية بين البلدين متينة تاريخيا.
معارضة المغرب لتولي موريتانيا كرسيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بحكم أن موريتانيا تعترف بما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية” التي أعلنها البوليساريو من جانب واحد.
وفي المقابل، تنتقد الرباط موريتانيا وأساسا على خلفية نزاع الصحراء، وأبرز هذه الانتقادات:
– استمرار موريتانيا تبني موقفا غامضا في نزاع الصحراء بالميل الى الجزائر وجبهة البوليساريو عند كل طارئ دبلوماسي وإن كان بسيطا.
-وفي الوقت نفسه، تبني موريتانيا سياسة مستقلة في مكافحة الإرهاب بدون تنسيق قوي مع الرباط، رغم أن المغرب يحاول دائما إقناع المسؤولين الموريتانيين بأن الإرهاب خطر يمس البلدين ويجب تجاوز الخلافات السياسية في مواجهته.
-وساعدت عوامل متعددة على تغذية هذا التوتر على رأسها رئاسة موريتانيا الاتحاد الافريقي منذ يناير الماضي بدعم قوي من الجزائر، وهذا مقابل تطوير نواكشوط علاقاتها مع جبهة البوليساريو. وتؤيد نواكشوط البوليساريو بشكل كبير خلال الشهور الأخيرة بشكل يقلق المغرب.