تتفاعل القضايا المرتبطة بالإرث الأندلسي في اسبانيا سياسيا واجتماعيا، فقد فتحت مصلحة الضريبة تحقيقا لمعرفة الكيفية التي استطاعت بها الكنيسة تسجيل جامع قرطبة الشهير في ملكيتها، وبدأ يتحرك مسلمو هذا البلد الأوروبي يطالبون بالإنصاف جراء قرار الحكومة منح اليهود المنحدرين من الأندلس الجنسية الإسبانية ومنعها عن المسلمين المنحدرين من الموريسكيين.
وانفجرت منذ أكثر من شهر فضيحة استيلاء الكنيسة الإسبانية رسميا على جامع قرطبة الشهير الذي تحول الى كاتدرائية هذه المدينة، وهذه الكاتدرائية هي الوحيدة من نوعها في العالم التي تحمل اسم المسجد وهي الوحيدة التي تعتبر كاتدرائية ومعلمة تاريخية يجب أن تكون تراثا مسجلة في ملكية الدولة الإسبانية، وفي هذه الحالة في اسم حكومة الحكم الذاتي في الأندلس بسبب توفر هذا الإقليم على صلاحيات حكما ذاتيا.
وتعمل جمعيات مدنية وهيئات أكاديمية على استعادة الكاتدرائية من ملكية الكنيسة لرفضهم تسيير مؤسسة دينية معلمة تاريخية من هذا الحجم التي يجب أن تكون ملكية عامة ولكل الثقافات والديانات تماشيا مع روس الأندلس. وأقدم بعض المواطنين على رفع دعوى أمام القضاء ضد الكنيسة بتهمة استيلاءها على معلمة تاريخية من حجم جامع قرطة وتسجيلها في اسم الكنيسة الكاثوليكية. وتنشر جريدة الموندو أمس أن هيئة المآثر التاريخية التابعة لوزارة المالية قد بدأت في التحقيق لأن الأمر يتعلق بالاستيلاء على ممتلكات الدولة.
وبدأ النقاش يكبر في اسبانيا ويتخذ أبعادا سياسيا وسط الطبقة السياسية وفي الاعلام ويتميز بجدل قوي واتهامات متبادلة، وقد ينتهي في آخر المطاف باستعادة الدولة للجامع لاسيما وأن الكنيسة أدت فقط 30 يورو في عملية الشراء والتسجيل الرسمي.
وفي ملف له ارتباط بالموريسكيين، وجه رئيس اللجنة الإسلامية في اسبانيا، منير بنجلون هذه الأيام رسالة الى رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي والى وزير العدل ألبرتو غياردون يطالبهما بضرورة إنصاف المسلمين من أصول موريسكية بمنحهم الجنسية الإسبانية كما فعل مع اليهود السفرديم المنحدرين بدورهم من أصول موريسكية. وكانت الحكومة قد منحت منذ أكثر من شهر لليهود من أصول أندلسية استعادة الجنسية الإسبانية.
وطالب منير بنجلون في هذا الصدد باجتماع مع الحكومة لتدارس هذا الميز بين المسلمين واليهود لصالح الأخيرين. ويرى مسلمو اسبانيا أن عمليات الطرد استهدفت مسلمي ويهود اسبانيا ما بين القرن الخامس وعشر الى بداية السابع عشر، وأنه لا يمكن باي حال التمييز التاريخي بينهما على أسس دينية محضة، بينما تقول الحكومة الإسبانية أن يهود السفر ديم حافظوا على لغتهم وتقاليدهم التي مازالت تربطهم بالأندلس.