تسبب الرئيس دونالد ترامب في أكبر هزيمة للولايات المتحدة خلال العقدين الأخيرين بسبب معارضته الشديدة لشركة هواوي الصينية التي تطور الجيل الخامس ومطالبته لحلفائه في الغرب بتجنب التعامل معها. وأخيرا وفي صمت بدأ يرخص لهواوي بالمشاركة مع شركات أمريكية في تطوير الجيل الخامس في الولايات المتحدة.
وشن دونالد ترامب منذ سنة 2017 هجمة ضد التكنولوجيا الصينية وخاصة شركة هواوي متهما إياها بالتجسس على الدول الغربية، وضغط بشدة على الدول الأوروبية وباقي الحلفاء في العالم من أجل عدم التعامل مع هذه الشركة في إرساء الجيل الخامس من الإنترنت.
وبعد قرابة سنتين من التردد، بدأت الدول الغربية ومنها إيطاليا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا في التخلص من الضغوطات الأمريكية وقبلت بالتعامل مع هواوي لتطوير الجيل الخامس من الإنترنت وإن كان بشروط. وبدورها صادقت الحكومة البريطانية نهاية يناير الماضي على الترخيص لهواوي رغم التهديدات الأمريكية باحتمال تجميد اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين المرتقب التفاوض بشأنها.
وأدركت هذه الدول صعوبة الحصول على الجيل الخامس من الإنترنت بدون التعاون مع الشركات الصينية التي حققت تقدما في هذا الشأن، وأن كل تأخر سيعني التأخر في التقدم والتنمية، وقد تزداد الهوة الرقمية بين الدول الأوروبية ودول جنوب وشرق آسيا وخاصة الصين وكوريا الجنوبية واليابان. وعمليا، يعد الجيل الخامس مئة مرة أفضل من الجيل الرابع في إرسال وتلقي ومعالجة المعلومات.
وحاولت الولايات المتحدة إيجاد بديل لشركة هواوي بتشجيع الشركات الأوروبية مثل نوكيا وإريكسون للتعامل مع الشركات الأمريكية في إرساء الجيل الخامس، لكن هذه الشركات تبقى صغيرة ولا يمكنها تلبية طلبات كبرى أو توظيف أموال كبيرة للاستثمار والبحث في هذا المجال. كما أن الجيل الخامس يتطلب تعاونا دوليا من طرف كل الشركات الكبرى لتوحيد المعايير.
وأخيرا، بدأت الولايات المتحدة تتراجع في صمت، حيث يجري الحديث عن ترخيص سكرتارية التجارة للشركات الأمريكية بالتعاون مع هواوي. وكانت الخطوة الأولى خلال منتصف الشهر الماضي، لكن الخبر لم يحظى بأهمية كبيرة بحكم انشغال العالم بجائحة كورونا فيروس. وتبحث الولايات المتحدة عن التوفيق بين الرغبة في التقدم وعدم فقدان القطار وثقل الأمن القومي خوفا من التجسس الصيني. وكانت قد منعت هواوي من الاطلاع على التكنولوجيا الأمريكية أو التعامل مع الشركات الأمريكية في قرار صدر يوم 19 أغسطس/ أب الماضي، لكن صدر قرار جديد عن وزارة التجارة بتاريخ 12 يونيو/ حزيران الجاري يتم بموجبه تعليق القرار السابق ويسمح للشركات الأمريكية التعامل مع هواوي وإن كان في توحيد المعايير الدولية بشأن الجيل الخامس.
وخلال جائحة كورونا، اكتسبت الإنترنت أهمية استراتيجية بحكم التعليم عن بعد والعمل عن بعد وأهمية الاتصالات والتواصل، وكل الدول التي كانت مترددة بشأن التعاقد مع هواوي، رفضت التحذيرات الأمريكية وتتفاوض الآن مع العملاق الصيني.