تتجه موريتانيا، مع نهاية السنة الجارية الى الانضمام الى نادي الدول المصدرة للغاز المسال، حيث اكتملت قاعدة التصدير الخاصة بمشروع غاز “احميم تورتي” الغازي، المستغل اشتراكًا بين موريتانيا والسنغال بإشراف شركة “بي بي” البريطانية. وقد يكون هذا المعطى وراء تحفظ موريتانيا على أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب.
وينتظر الموريتانيون والسنغاليون وصول المنصة العائمة العملاقة المخصصة لإنتاج وتخزين وشحن الغاز التي توجد حاليا في طريقها إلى السواحل الموريتانية قادمة من الصين بعد إنهاء صناعتها وبنائها وتجهيزها واكتمال التجارب الفنية الخاصة بها. واستغرقت عمليات تجريب أجهزتها وبناء هيكلها وضبط شبكتها الإلكترونية، ثلاث سنوات ونصف. وتعتبر هذه المنصة العنصر الأساس في مشروع الغاز الموريتاني السنغالي، مضافة للتطوير المدمج في عمق البحر لمناجم الغاز، ولمجموعة الأجهزة العائمة الأخرى الخاصة بعمليات شحن الغاز الطبيعي.
ويقول غارون بيرل نائب الرئيس التنفيذي لشركة “بي. بي” في توضيحات عن المنشأة “إننا نعمل على تطوير أحد أهم المشاريع الغازية في العالم، الذي يعتبر مع منصته العائمة مكونا من أهم مكوناته”. وتعالج المنصة العائمة من موقعها داخل المحيط، الغاز الطبيعي بإزالة المواد المكثفة والماء والشوائب الأخرى، قبل أن ينقل الغاز عبر أنبوب ضخم نحو قاعدة الشحن والتصدير الواقعة على بعد 10 أميال على الساحل. وتتولى المنصة العائمة معالجة 500 مليون قدم مكعب من الغاز كل يوم، قبل أن يجري تسييل غالبيتها عبر قاعدة الإنتاج، ثم شحنها نحو الأسواق الدولية، بينما يوجه جزء من هذه الكمية إلى موريتانيا والسنغال للاستجابة لحاجاتهما الضرورية المتزايدة في مجال الطاقة؛ أما المواد المكثفة المستخلصة فسيجري نقلها في صهاريج مكوكية نحو الأسواق.
وكانت شركة كوسموس أنيرجي الأمريكية العملاقة قد اكتشفت بين عامي 2014 و2015 حقل “تورتي أحميم” في نقطة الحدود البحرية المشتركة بين موريتانيا والسنغال.
ومن المتوقع البدء خلال العام المقبل، بتصدير أولى شحنات الغاز إلى الأسواق العالمية وذلك بتأخير سنة عن الموعد الذي كان محددا لبدء الشحن، بسبب انعكاسات وباء كوفيد 19.
وأكدت كوسموس أنيرجي أن المرحلة الأولى من مشروع الغاز الموريتاني السنغالي تتعلق باستغلال 8000 مليار قدم مكعب من أصل 50 ألف مليار قدم مكعب مؤكد وجودها، إلى جانب مؤشرات محققة للنفط، وهو ما يؤكد أن لهذا المشروع الطاقوي الضخم أسرار ما تزال تحت الكتمان. ومما يبشر بإمكانية استثمار آمن لمشروع “ترتي آحميم”، اتفاق الحكومتين الموريتانية والسنغالية على استغلاله بصورة مشتركة، وهو الاتفاق النابع من اقتناع حكومتي نواكشوط وداكار بأهمية العمل المشترك الذي جربتاه من خلال المنظمة المشتركة لاستغلال نهر السنغال الفاصل الحدودي الطبيعي بينهما.
ويمكن تفسير استغلال موريتانيا ثم السينغال للغاز المكتشف برودة نواكشوط تجاه المشروع الذي طرحه المغرب بربط نيجيريا بالمغرب بأنبوب غاز بتزويد الدول في غرب إفريقيا. ولم تبد موريتانيا منذ طرح المغرب مشروع الأنبوب أي اهتمام به سواء على المستوى الرسمي أو في الصحافة. وكان سياسيون موريتانيون يتساءلون عن طرح المغرب لمشروع الأنبوب في وقت عثرت فيه موريتانيا على الغاز.
ولا يمكن مقارنة كميات الغاز المكتشف في موريتانيا مع احتياطات نيجيريا، غير أنه من الملاحظ برودة نواكشوط تجاه أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب. وتمر العلاقات بين المغرب وموريتانيا بأزمة غير معلنة، من مظاهرها عدم زيارة الرئيس الموريتاني الغزواني المغرب ولا زيارة الملك محمد السادس موريتانيا.