تستمر الولايات المتحدة في محاربة برنامج التجسس بيغاسوس بمنع مل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأمريكية من استعماله، الأمر الذي قد يمتد الى باقي الدول الغربية بل والدول القريبة من واشنطن. وقد تخفي هذه الحرب فرضية تعرض المصالح الأمريكية لعمليات تجسس كبرى.
وكان الرئيس الأمريكي جو بادين قد أصدر خلال الأثنين من الأسبوع الجاري قرارا يمنع استعمال برامج التجسس الأجنبية في الأراضي الأمريكية وبالأخص برنامج بيغاسوس نظرا لخطورته على الحياة الخاصة للأمريكيين وكذلك الأمن القومي الأمريكي. ويعد هذا رابع قرار للبيت الأبيض يستهدف هذا النوع من البرامج وخاصة بيغاسوس.
وكان القرار الأول خلال نوفمبر 2021 عندما اعتبرت واشنطن برنامج بيغاسوس يهدد النظام الدولي بسبب التجسس الذي يتيحه للحاصلين على هذا البرنامج، لاسيما بعدما تبين أن دولة أجنبية قد تجسست على هاتفين لمسؤولين أمريكيين مبعوثين في قضايا في الشرق الأوسط، ثم التجسس على دبلوماسيين أمريكيين كانوا يستعملون أرقام هاتف الدول التي يتواجدون فيها وليس أرقاما أمريكية.
وكان القرار الثاني خلال يونيو الماضي، طلب البيت الأبيض من شركات مثل ميتا المالكة لفايسبوك وواتساب الاستمرار في مقاضاة شركة NSO التي تنتج برنامج بيغاسوس دون انتظار قرار المحكمة العليا. وكانت الشركة الإسرائيلية قد لجأت الى المحكمة العليا لوقف مقاضاتها. وجاء قرار المحكمة العليا خلال يناير الماضي بتأييد موقف البيت الأبيض، اي استمرار مقاضاة الشركة الإسرائيلية.
وكان القرار الثالث خلال يناير الماضي عندما رخصت دبلوماسية واشنطن، وإن كان بشكل غير معلن، لكل متضرر في العالم من بيغاسوس اللجوء الى القضاء الأمريكي ضد الشركة الإسرائيلية. ورفع صحفيو جريدة “الفارو” من السالفادور دعوى ضد بيغاسوس، وأعلن صحفيون وحقوقيون مغاربة الشهر الماضي الانضمام الى الدعوى.
ويعتبر قرار الرئيس بايدن الاثنين من الأسبوع الجاري استعمال الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأمريكية لبرنامج بيغاسوس وبرامج أخرى هو القرار الرابع من نوعه في حرب واشنطن ضد الشركة الإسرائيلية. وكانت الشرطة الفيدرالية إف بي أي تنوي اقتناء هذا البرنامج، وفكرت شركات أمريكية في شراء الشركة لأهمية الأمن القومي الأمريكي.
ولا يستبعد أن يكون وراء قرارات البيت الأبيض ضد NSO وإصرار الحظر هو اكتشاف الأجهزة الاستخباراتية ومنها العسكرية ووكالة الأمن القومي الأمريكية أن تكون دول أجنبية قد استعملت البرنامج على نطاق واسع ضد المصالح الأمريكية في الخارج. وكان يفترض أن برنامج بيغاسوس لا يتجسس على أرقام الهاتف الأمريكية والبريطانية والروسية والصينية.
وعادة ما يوجد تنسيق أمني واستخباراتي متين بين الولايات المتحدة وإسرائيل، غير أن واشنطن لا تتسامح مع عمليات التجسس الإسرائيلي عندما يتم المس بالمصالح الحيوية الأمريكية. ومن ضمن الأمثلة الشهيرة اعتقالها للجاسوس الأمريكي الإسرائيلي جوناثان بولارد بتهمة التجسس لصالح إسرائيل والحكم عليه بالمؤبد سنة 1987، وتم الافراج عنه سنة 2015 ونقله الى إسرائيل للعيش.
وعمليا، ستتبنى كل الدول الغربية القرار الأمريكي بحظر بيغاسوس لاسيما التي استعملته، كما قد يمتد الى الدول المقربة من الغرب وواشنطن وقد يكون منها بعض الدول العربية.