تفكر عدد من الدول الأوروبية في اقتناء الطائرات الحربية بدون طيار ولا تستبعد تلك التي تقوم تركيا بتصنيعها، وتعد المانيا هي الأولى التي أعلنت ذلك علانية. وفي حالة حصول ذلك، سيشكل منعطفا جديدا في الصناعة العسكرية القادمة مما يصطلح عليه الجنوب.
ورغم البرامج العسكرية المشتركة للدول الأوروبية ورغم تفوق بعضها في صنع طائرات مقاتلة مثل فرنسا مع عائلة الميراج وحاليا رافال أو المقاتلة الأوروبية التي تشترك فيها دول مثل المانيا واسبانيا يوروفايتر، إلا أن الصناعة العسكرية الأوروبية لم تحقق تقدما في صنع الطائرات الحربية بدون طيار التي تضرب بالقنابل والصواريخ. وتعكف دول أوروبا على تصنيع طائرة بدون طيار تحمل اسم “أورودرون”، لكنها لن تسلم الدفعات الأولى إلا سنة 2028 إذا لم يحصل تأخير.
وتبرز ثلاثة نماذج في صناعة الطائرات الحربية بدون طيار وهي الولايات المتحدة بطائرتها الرائدة Reaper MQ-9A، ثم الطائرة الإسرائيلية Heron TP، وأخيرا انضمت الطائرة التركية التي شكلت المفاجأة هي Bayraktar TB2. وهذه الطائرات الثلاث تجمع بين الحراسة والقوة النارية لتدمير الأهداف.
وإذا كانت قوة ومزايا الطائرة الأمريكية والإسرائيلية معروفة، فقد شكلت التركية مفاجأة حقيقية لخبراء صناعة الأسلحة والحروب التي شاركت فيها تركيا خلال الثلاث سنوات الأخيرة ابتداء من سوريا الى كاراباخ-أرمينيا ومرورا بليبيا. وكتبت جريدة ليبراسيون يوم 22 ديسمبر الماضي مقالا تتحدث فيه عن هذه الطائرة بدون طيار بيرقدار تي بي 2 بعنوان “الدرون التركي: البطل الوطني الجديد”. تبرز الدور الكبير للطائرات بدون طيار التركية في حسم الكثير من المعارك في الشرق الأوسط خاصة وأن الجيش يتوفر على أكثر من مائة منها، الأمر الذي يسمح له بالتواجد على جبهات متعددة.
وعمليا، تعد تركيا العضو الثاني في الحلف الأطلسي الذي زج بأكبر عدد من قواته العسكرية في نزاعات خارج الحدود الوطنية بعد الولايات المتحدة ما بين 2016-2020. وتبرز مختلف الجرائد الرقمية العسكرية أنه لا يمكن فهم التفوق التركي في الحروب التي خاضها بدون الأسلحة المتطورة للصناعة التركية وعلى رأسها الطائرة بدون طيار. وتبرز كيف استطاعت تركيا بقوة الدرون إلحاق خسائر جمة ومرعبة بالجيش السوري خلال المواجهات نهاية فبراير وبداية مارس الماضيين. ثم كيف كان السلاح التركي حاسما للانتصار الذي حققه أذربيجان في مواجهة أرمينيا خلال سبتمبر وأكتوبر الماضيين.
وبعدما أبانت الطائرات التركية بدون طيار عن قوتها النارية، بادرت أوكرانيا منذ شهر الى توقيع اتفاق مع أنقرة لشراء أربع طائرات من النوع المذكور، وقلبها وقعت تونس عقدا لاقتناء ثلاث طائرات. وتناولت جريدة تريبون في مقال سابق للمحلل مايكل كاريبون كيف خسرت فرنسا وأوروبا قطار الطائرات الحربية بدون ربان وكيف تقدمت تركيا.
وتدرس عدد من الدول اقتناء الطائرات التركية، ولعل أول دولة أعلنت عن هذا التوجه هي المانيا. وتساءلت الجريدة الرقمية الفرنسية “كابيتال: بداية الشهر الجاري هل ستقدم المانيا على اقتناء طائرات الصناعة العسكرية التركية. وتتوفر الماينا على طائرات بدون طيار للمراقبة والرصد وليس تلك القادرة على الضرب الجوي. وفي حالة شراء برلين الطائرات التركية، سيكون منعطفا حقيقيا لأن دول غربية ستلجأ الى خدمات دولة لم تكن ذات صناعة عسكرية متطورة حتى الأمس القريب.
لقد بدأت الطائرات الحربية بدون طيار التي تقصف وليس فقط ترصد تشكل منعطفا جديدا في الحروب بسبب سهولة تسييرها سواء في الاقلاع والهبوط والدقة التدميرية التي تمتلكها تدريجيا وتنافس المقاتلات الكلاسيكية. وكتبت جريدة لوموند في مقال تحليلي لها يوم 25 ديسمبر الماضي أن حرب كاراباخ التي جرى حسمها بفضل الطائرات التركية بدون ربان تعطي فكرة واضحة عن مستقبل الحروب.